إذا وكله في الشراء بعين المال فاشترى الوكيل في الذمة لم يصح، لأن له غرضا في الشراء بعين المال وهو أن لا يلزمه البيع مع تلف الثمن، إذا كان معينا بطل البيع بتلفه قبل تسليمه، وإن كان غير معين لم يبطل البيع بتلف الثمن.
وإن أمره أن يشتري له في الذمة فاشترى له بعين المال فهل يصح ذلك أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح، لأن له غرضا في أن يكون الثمن في الذمة حتى لا يبطل البيع بتلف الثمن.
والثاني: أنه يصح، لأنه زاده خيرا لأنه عقد له عقدا لا يلزمه في جميع الأحوال، والأول أقوى وأولى.
جملة من يبيع مال غيره ستة أنفس: " الأب " و " الجد " و " وصيهما " و " الحاكم " و " أمين الحاكم " و " الوكيل "، ولا يصح لأحد منهم أن يبيع المال الذي في يده من نفسه إلا لاثنين، الأب والجد، ولا يصح لغيرهما لأنه لا دلالة على ذلك، وبيعهما يصح، لإجماع الفرقة على أنه يجوز للأب أن يقوم جارية ابنه الصغير على نفسه ويطأها بعد ذلك، وقد ذكرنا أن الوكيل لا يجوز له أن يبيع مال الموكل من نفسه.
فإذا ثبت هذا فكذلك لا يجوز له أن يشتري مال الموكل لابنه الصغير لأنه يكون في ذلك البيع قابلا موجبا فتلحقه التهمة وتضاد الغرضان، وكذلك لا يجوز أن يبيعه من عبده المأذون له في التجارة، لأنه وإن كان القابل غيره فالملك يقع له فتلحقه التهمة فيه ويبطل الغرضان، فأما إذا باعه من ابنه الكبير أو والده فهل يجوز أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما - وهو الأولى -: أنه يجوز لأنه لا مانع منه، ولأن الملك يقع لغيره والعاقد غيره، فهو مثل الأجنبي.
والثاني: لا يجوز، لأنه متهم في حق ابنه ووالده.