وقد ذكرنا أن عقد الوكالة جائز، ولكل واحد من المتعاقدين فسخه أي وقت شاء، فإذا ثبت هذا فلا فرق بين أن يقول " فسخت الوكالة " أو " أبطلت الوكالة " أو " نقضتها " أو " عزلتك عنها " أو " صرفتك عنها " أو " أزلتك عنها " وما أشبه ذلك من الألفاظ التي تقتضي الفسخ والعزل وتصرح بمعناه وتؤدي مؤداه.
فأما ما تنفسخ به الوكالة فمثل " الموت " و " الجنون " و " الإغماء "، فإذا مات أحدهما أو جن أو أغمي عليه بطلت الوكالة، لأن الموت يبطل الملك مثل البيع والعتق، والجنون والإغماء يثبت عليه الولاية فيصير محجورا عليه مثل الصبي وتوكيل الصبي لا يصح، فأما " النوم " فلا يبطل الوكالة لأنه لا يسقط فرض الصلاة والإغماء والجنون يسقطان فرض الصلاة، ويثبتان عليه الولاية والنوم لا يثبتها له.
فأما إذا حجر عليه لسفه بطل توكيله والتصرف في أعيان أمواله وفي ذمته، ولم يبطل في الطلاق والخلع والقصاص، لأن الحجر لا يمنع هذه الأشياء ويمنع ما عداها، وكذلك الوكيل إذا حجر عليه تبطل وكالته لأنه لا يصح تصرفه لنفسه فكذلك لا يصح تصرفه عن غيره، ولا يبطل توكيله في الطلاق والخلع وطلب القصاص لما بيناه.
وإن حجر عليه لفلس بطلت الوكالة في أعيان أمواله ولم تبطل في التصرف في الذمة وفي الطلاق والخلع وطلب القصاص، لأن الحجر عليه لا يمنع من هذه ويمنع من ما عداها.
إذا وكل الرجل رجلا في الخصومة ولم يأذن له في الإقرار فأقر على موكله بقبض الحق الذي وكله في المخاصمة فيه لم يلزمه إقراره عليه بذلك، سواء كان بمجلس الحاكم أو في غيره إذا لم يأذن له في الإقرار عليه.
فأما إذا أذن له في الإقرار عليه ووكله فيه فإنه يصح ذلك لأنه لا مانع منه، وفي الناس من قال: لا يصح أصلا، فمن قال " يصح " فإذا أقر الوكيل لزم