فإن أخذ الحاضر فأصاب بالشقص عيب ورده على المشتري، ثم حضر الغائبان كان لهما الشفعة لأن رده بالعيب بمنزلة عفوه عنها، ولو عفا عنها ثم حضرا أخذاها، فإن اختار الحاضر الأخذ فأخذها فاستغلها ثم حضر الغائب فاختار الأخذ أخذه، وكانت الغلة للأول لا حق للقادم فيها، لأن الأول استغل ملك نفسه.
وإن أخذها الحاضر وملكها، ثم حضر الغائبان وأخذا منه، ودفعا الثمن إليه ثم خرج الشقص مستحقا كان دركهما على المشتري دون الشفيع الأول، وإن كان الآخذ هو فإنه بمنزلة النائب عنهما في الأخذ لهما، والمستوفي لهما كالوكيل، لأنهما يستحقان عليه ذلك بعقد البيع قبل أن يأخذ لنفسه، هذا إذا اختار الأخذ.
فأما إن اختار التأخير، وقال: لست آمن الغائبين، وإني متى أخذت الكل وحضرا انتزعا الثلثين من يدي فلا أوثر هذا ولا أختار بل أتوقعهما حتى يحضرا فإن عفوا أخذت الكل وإن أخذا شاركتهما في هذا فهل يبطل نصيبه بهذا التأخير أم لا؟ قيل فيه وجهان:
قال قوم: لا يبطل، وهو الأقوى، لأنه تأخير لعذر فلا تبطل شفعته، وقال آخرون: يبطل حقه لأنه ترك الأخذ مع القدرة عليه.
إذا كانت دار بين أربعة أرباعا فباع واحد منهم حقه، فاستحقها الثلاثة وكان أحد الثلاثة غائبا، فاختار الآخران أن يأخذا بجميع المبيع.
نفرض المسألة من ثمانية وأربعين، فباع واحد منهم سهمه، وهو اثنا عشر سهما، فأخذه الحاضران معا، صار لكل واحد منهما ستة، ثم غاب أحدهما - ويسمى هذا الغائب الثاني -، ثم حضر الغائب الثالث فطلب حقه.
فإن كان الحاكم ممن يرى الحكم على الغائب، وهو مذهبنا، قضي للثالث بجميع حقه وهو أربعة أسهم، سهمان على الحاضر وسهمان على الغائب فيصير لكل واحد منهم أربعة أسهم.
وإن كان لا يرى القضاء على الغائب، فبكم يقضي لهذا الثالث على