له لأنها شفعة لاثنين، فإذا عفا أحدهما توفر على شريكه كما لو وجبت لهما بالبيع، وأما المورث فالمستحق واحد، فإذا عفا عن نصف حقه سقط كله، وليس كذلك هاهنا لأنه عفا عن كل حقه فلهذا لم يسقط حق شريكه منهما.
قد قلنا: إن الشريك إذا كان أكثر من واحد بطلت الشفعة، ومن قال: على عدد الرؤوس، يقول: إذا كانت الدار بين أربعة أرباعا فباع واحد منهم نصيبه كان للباقين الشفعة بينهم بالسوية، لأنهم متساوون في العدد والأنصباء، ثم لا يخلو حالهم من أحد أمرين: إما أن يكونوا حضورا أو غيبا، فإن كانوا حضورا واختاروها كانوا فيه سواء فإن عفا واحد منهم قيل للآخرين: فإما أن تدعا الكل أو تأخذا الكل، فإن أخذا فلا كلام، وإن امتنعا وقالا: لا نأخذ إلا حقنا، لم يكن لهما، لأن ذلك يؤدي إلى الضرر.
وهكذا إذا وجبت لاثنين وعفا أحدهما قيل للآخر: أنت بالخيار بين أن تأخذ الكل أو تتركه، فإن عفا اثنان عنها قلنا للثالث: أنت بالخيار بين أن تأخذ الكل أو تتركه لمثل ذلك.
وإن كانوا غيبا فالشفعة لهم أيضا على ما مضى، فإن حضر واحد منهم أو كانوا كلهم حضورا فغاب اثنان الباب واحد، يقال للحاضر: أنت بالخيار بين أن تأخذ الكل أو تدع الكل، وليس لك أن تأخذ قدر حقك، لأنا لا نعرف شفيعا سواك.
فإذا ثبت هذا لم يخل من أحد أمرين: إما أن يأخذ أو يؤخر، فإن أخذ ملك الشقص، فإن قدم أحد الغائبين فإما أن يأخذ أو يعفو، فإن عفا سقط حقه وإن اختار الأخذ أخذ من الحاضر النصف لأنه لا شفيع سواهما.
فإن قدم الغائب الآخر فإما أن يعفو أو يأخذ، فإن عفا استقر للأولين ما أخذا، وإن اختار الأخذ شاركهما فيكون المبيع بينهم أثلاثا وينتقض القسمة وبالمطالبة بالشفعة إن كانا اقتسما وإن كانت وقعت صحيحة، لأن الثالث إذا طالب بالشفعة كان بمنزلة الموجود حين القسمة لأن حقه وجب قبل القسمة.