إذا كانت دار بين ثلاثة شركاء أثلاثا، فاشترى أحدهم نصيب أحد الآخرين، استحق الشفعة المشتري مع الآخر بينهما نصفين، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، وعامة أصحاب الشافعي، وهو الذي نقله المزني.
ومن أصحابه من قال: يأخذ الشفيع بالشفعة، ولا حق للمشتري فيه. وبه قال الحسن البصري، وعثمان البتي قالوا: لأنه مشتري، فلا يستحق الشفعة على نفسه، وهو الذي نصرناه فيما تقدم، غير أن هذا القول الآخر أقوى.
دليلنا: أنهما تساويا في الشركة الموجودة حين الشراء، فوجب أن لا ينفرد أحدهما بالشفعة، لأنه لا دليل على ذلك إلا أنه يكون أحدهما ملك نصفه بالعقد، والآخر بالشفعة يملك نصفه، فعلى هذا سقط دليلهم.
مسألة 36: إذا شج غيره موضحة عمدا أو خطأ، فصولح منها على شقص، صح الصلح إذا كانا عالمين بأرش الموضحة، ولا يستحق الشفيع أخذها بالشفعة.
وقال الشافعي وأصحابه: إن كانت الإبل موجودة، فهل يصح الصلح أم لا؟ على قولين. وإن كانت معدومة، فعلى قولين في انتقال الأرش إلى القيمة أو إلى مقدر، وعلى الوجهين جميعا يصح الصلح إذا علما القيمة أو المقدار.
فكل موضع يصح الصلح تجب الشفعة، وكل موضع لا يصح الصلح لا تجب الشفعة.
دليلنا: أن الشفعة إنما تستحق بعقد الشراء، والصلح ليس بعقد الشراء، فمن ألحقه به فعليه الدلالة.
مسألة 37: إذا باع ذمي شقصا من ذمي بخمر أو خنزير وتقابضا، واستحق عليه الشفعة، وأخذ الشفيع بمثل ثمن الخمر أو الخنزير عند أهله. وبه قال أبو حنيفة.
وقال الشافعي: لا شفعة هاهنا، لأن الخمر ليس بمال.