وإن لم يمكنه ذلك لكثرته وانتشاره جاز له الاستنابة فيه، وهل تجوز له الاستنابة في الجميع؟ قيل فيه وجهان مثل الوكالة المطلقة.
إذا اختلف الموكل والوكيل فلا يخلو اختلافهما من ثلاثة أحوال: أحدها أن يختلفا في التلف، والثاني أن يختلفا في الرد، والثالث أن يختلفا في التصرف.
فإن اختلفا في التلف فادعى الوكيل تلف المال الذي سلمه الموكل إليه ليتصرف فيه وأنكر الموكل تلفه، أو ادعى تلف الثمن الذي قبضه بعد ما أقر له الموكل بالقبض غير أنه أنكر التلف، فالقول قول الوكيل في ذلك، لأنه أمين قد ادعى في الأمانة ما يتعذر إقامة البينة عليه، فكان القول قوله فيه، كالوصي إذا ادعى الإنفاق على اليتيم فإن القول قوله مع يمينه، لأنه يتعذر عليه إقامة البينة على كل ما ينفقه من قليل وكثير، وكذلك الوكيل يتعذر عليه إقامة البينة على التلف لأنه قد يتلف المال ظاهرا أو باطنا.
وكذلك كل أمين ادعى تلف الأمانة، من أب أو جد أو حاكم أو أمين حاكم أو شريك أو مضارب أو مرتهن أو ملتقط أو مستأجر، أو أجير مشترك - عند من ينفي عنه الضمان - أو مودع.
وإن اختلفا في الرد فادعى الوكيل رد المال الذي سلمه إليه أو رد الثمن وأنكر الموكل ذلك نظر: فإن كان وكيلا بغير جعل قبل قوله في ذلك مع يمينه لأنه قبض المال لمنفعة غيره دون منفعته فهو كالمودع يدعي رد الوديعة على صاحبها، وإن كان وكيلا بجعل قيل فيه قولان:
أحدهما: أن القول قول الموكل مع يمينه لأن الوكيل قبض المال لمنفعة نفسه وهو " الجعل "، فهو كالمرتهن يدعي رد " الرهن " أو المستعير يدعي رد " العارية " أو المستأجر يدعي رد " العين المستأجرة ".
والوجه الثاني: أن القول قول الوكيل لأنه أخذ العين بمنفعة الموكل، لأنه لا ينتفع بعين المال والجعل لا يتعلق بقبض العين ولا يتعلق بها، فقبضه لهذا المال مثل القبض المودع للعين المودعة، ومثله قبض الوكيل بغير جعل،