الموكل إقراره، ومن قال " لا يصح " فإذا أقر الوكيل لم يلزم الموكل إقراره، لأن الإقرار إخبار عن حق واجب عليه، وإخبار الرجل عن حق واجب على غيره لا يثبت إلا بشهادة، وهذا ليس بشهادة فلا يثبت بها الحق، لأنه لو قال: رضيت بما يشهد به علي فلان لفلان من الحقوق، فشهد عليه ذلك الرجل الذي أشار إليه لم يلزمه ذلك.
فمن قال يصح التوكيل به قال: إذا أقر الوكيل عليه بما أذن له فيه لزمه إقراره.
ومن قال: لا يصح التوكيل فيه، اختلفوا فمنهم من قال: يكون توكيله والإذن عنه في الإقرار عنه إقرارا منه لأنه أخبر عن حق عليه لخصمه، وقال غيره: لا يكون ذلك إقرارا لأن التوكيل في الشئ لا يكون إثباتا لنفس ذلك الشئ الموكل فيه كما أن التوكيل في البيع لا يكون بيعا، وكذلك الأمر بالأمر لا يكون أمرا، لأن النبي صلى الله عليه وآله قال: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، فكان ذلك منه أمرا للآباء دون الأولاد، هذا إذا أذن له في الإقرار بشئ معلوم.
فأما إذا أذن له في الإقرار بشئ مجهول مثل أن يقول له: وكلتك في الإقرار على بحق، فمن قال يصح توكيله في ذلك قال: يصح توكيله هاهنا، فإذا أقر الوكيل بالمجهول لم يثبت الإقرار ورجع إلى الموكل في تفسيره، ومن قال:
لا يصح ولا يكون إقرارا، فلا معنى لذلك التوكيل فيه، وجوده وعدمه بمنزلة.
هذا كله إذا وكله في الإقرار عنه.
فأما إذا وكله في الإبراء والصلح صح ذلك لأنه تصرف مستأنف يصح التوكيل فيه، وليس كذلك الإقرار فإنه إخبار عن حق سابق، وقد بينا أن ذلك لا يصح إلا على وجه الشهادة وهذا ليس بشهادة.
إذا وكل رجل رجلا في تثبيت حد القذف أو القصاص عند الحاكم وإقامة البينة عليه فإن التوكيل صحيح بلا خلاف، إلا أبا يوسف فإنه قال: لا يصح التوكيل في تثبيت الحد بحال.