ولا يجعل البيع في معنى العقد الجائز.
والضرب الثالث الذي يلزم من وجه ولا يلزم من وجه فهو الرهن بعد القبض، فإنه لازم من جهة الراهن وجائز من جهة المرتهن، وكذلك الكتابة جائزة من جهة العبد ولازمة من جهة السيد.
أما الضرب المختلف فيه فهو السبق والرمي، وقيل فيهما قولان: أحدهما أنه جعالة، وهو الأقوى، فعلى هذا يكون جائزا من الطرفين، والقول الثاني أنه إجارة فهو لازم من الطرفين.
فإذا ثبت أن الوكالة عقد جائز من الطرفين فإن لكل واحد منهما الفسخ.
فأما الوكيل فله أن يفسخ الوكالة ويعزل نفسه سواء حضر الموكل أو غاب، وإذا فسخها لم يكن له بعد ذلك أن يتصرف فيما وكل فيه فأما إذا فسخ الموكل الوكالة نظر: فإن كان الوكيل حاضرا انفسخت ولم يجز له أن يتصرف بعد ذلك، وإذا كان الوكيل غائبا قيل فيه وجهان:
أحدهما: أن الوكالة تنفسخ في الحال ولا يقف الفسخ على علم الوكيل، فإذا تصرف الوكيل بعد ذلك كان تصرفه باطلا.
والثاني: أن الوكالة لا تنفسخ حتى يعلم الوكيل ذلك، فإذا علم حينئذ انفسخ فتقف صحة الفسخ على علمه.
وكلا الوجهين قد رواه أصحابنا.
ومتى تصرف قبل العلم وبعد الفسخ من الموكل صح تصرفه، فعلى هذا إذا وكل رجلا في استيفاء القصاص فيجئ به الوكيل ليقتص منه فعزله الموكل قبل الضرب وضرب الوكيل قبل العلم بالعزل عنقه فمن قال: إن الوكالة تنفسخ وإن لم يعلم الوكيل، قال: هذه جناية خطأ من الوكيل، ومن جعل العلم شرطا قال: الاستيفاء وقع موقعه.
فأما إذا مات الموكل أو أعتق العبد الموكل في بيعه أو باعه الموكل قبل بيع الوكيل فإنه تنفسخ الوكالة بلا خلاف.