أحدهما: يجوز التوكيل في الجميع، لأن إطلاق الوكالة يقتضي ذلك.
والثاني - وهو الأولى -: أنه لا يجوز له التوكيل إلا في القدر الفاضل عن كفايته بنفسه، لأن هذا التوكيل إنما جوز له لأجل الحاجة الداعية إليه، لأنه لا يمكنه القيام بنفسه، فلم يجز إلا في قدر الحاجة.
وأما إذا كان ذلك العمل مما لا يترفع عن مثله ويمكنه القيام بنفسه فإنه لا يجوز له أن يوكل فيه، لأنه أذن له في عقود معينة ولم يأذن له في التوكيل، كما لو وكله في البيع لم يجز له أن يتزوج له، ولأنه رضي بأمانته ولم يرض بأمانة غيره، فلا يجوز له أن يأتمن على ماله من لم يرض هو بأمانته.
وأما إذا كانت الوكالة مقيدة بالإذن في التوكيل جاز له ذلك لأنه عقد أذن له فيه، فإذا ثبت هذا فإن وكل عن الموكل كانا وكيلين له، فكان له أن يعزلهما متى شاء ويعزل أحدهما إن أراد، وليس لأحد الوكيلين أن يعزل صاحبه، فإن مات الموكل بطلت وكالتهما، وإن مات أحدهما لا تبطل وكالة الآخر، لأنه ليس توكيل له.
فأما إذا وكله عن نفسه كان وكيلا له، وله أن يعزله، فإن مات الموكل بطلت وكالتهما، وإن مات الوكيل الأول بطلت وكالته ووكالة وكيله لأنه فرع له، وإن مات الوكيل الثاني لم تبطل وكالة الأول لأنه ليس بفرع له.
إذا وكله في تصرف سماه له ثم قال: وقد أذنت لك في أن تصنع ما شئت، فهل يكون ذلك إذنا في التوكيل؟ فالأولى أن يقال: إن ذلك إذن له لأنه جعل الخيار إليه، وقيل: ليس له ذلك لأنه ما صرح بالإذن فيه العمل مما يمكنه مباشرته بنفسه وقوله " تصنع ما شئت " راجع إلى التصرف الذي سماه له دون غيره.
إذا ولى الإمام رجلا القضاء في ناحية فهل له أن يستنيب في القضاء أم لا؟
ينظر: فإن جعل إليه أن يستنيب في القضاء كان له ذلك، وإن أطلق ذلك ولم يصرح بالإذن في الاستنابة، فإن أمكنه مباشرة ذلك بنفسه لم تجز الاستنابة فيه،