وأما العبد الذي ليس بمكاتب فينظر فيه:
فإن كان مأذونا له في التجارة لم يكن له أن يوكل إلا بإذن سيده، لأنه كالوكيل لسيده ولا يجوز للوكيل أن يوكل فيما جعل إليه إلا بإذن الموكل.
وإن كان غير مأذون له في التجارة فلا يجوز له أيضا أن يوكل وكيلا، لأنه لا يملك التصرف حتى يأذن له سيده.
فأما ما يملكه العبد بغير إذن السيد فله التوكيل فيه إذا دخلت فيه النيابة، مثل " الطلاق " و " الخلع " فإنه يملك التصرف في ذلك بنفسه من غير أن تقف صحته على إذن غيره.
وأما المحجور عليه لسفه فله التوكيل في الطلاق والخلع وطلب القصاص إذا ثبت له، لأن له أن يطلق ويخلع ويطالب بالقصاص من غير أن يقف ذلك على إذن وليه، وذلك مما تدخله النيابة فيصح دخول التوكيل فيه، فأما ما سوى ذلك من بيع أو شراء أو غيره فلا يصح التوكيل فيه لأنه لا يملك بنفسه.
وأما المحجور عليه لفلس فله التوكيل في الطلاق والخلع وطلب القصاص لما ذكرناه، وله التوكيل في التصرف في الذمة، لأنه لا يملك ذلك ولم يحجر عليه فيه، وأما التصرف في أعيان أمواله فلا يصح توكيله فيه لأنه حجر عليه فيها فلا يملك التصرف ولا التوكيل في شئ منها.
وجملته أن كلما لا يملكه بنفسه أو يملكه لكن لا تدخل النيابة فيه فلا يصح فيه التوكيل، وأما ما يملك التصرف فيه وتدخله النيابة فيصح فيه التوكيل.
هذا كله في من يصح أن يوكل.
فأما الكلام في صحة ما يجوز أن يتوكل فيه لغيره، فجملته أن كل ما يصح أن يتصرف فيه لنفسه صح أن يتوكل فيه لغيره إذا كان مما تدخله النيابة.
فأما المرأة فإنها تتوكل لزوجها في طلاق نفسها عند الفقهاء، وفيه خلاف بين أصحابنا، والأظهر أنه لا يصح ذلك، وأما هل يصح أن تتوكل في طلاق ضرتها وغيرها من النساء؟ قيل فيه وجهان، وعندي أنه لا يمنع من ذلك مانع.