وأما الأحياء فلا يصح التوكيل فيه لأنه يختص بفعله.
فإذا ثبت ذلك فجملة من يحصل في يده مال للغير ويتلف فيها على ثلاثة أضرب: ضرب لا ضمان عليهم بلا خلاف، وضرب عليهم الضمان، وضرب فيه خلاف.
فالذين لا ضمان عليهم فهم " الوكيل " و " المرتهن " و " المودع " و " الشريك " و " المضارب " و " الوصي " و " الحاكم " و " أمين الحاكم "، و " المستأجر " عندنا و " المستعير " عندنا، وفيه خلاف، فإذا تلف مال الغير في أيديهم من غير تعد منهم وتفريط فلا ضمان عليهم.
والذين عليهم الضمان فهم " الغاصب " و " السارق "، و " المستعير " عند قوم، و " المساوم " و " المبتاع بيعا فاسدا إذا قبض المبيع "، فهؤلاء إذا تلف المال في أيديهم كان عليهم الضمان، سواء تعدوا فيه أو لم يتعدوا.
وأما المختلف فيه فهم الصناع الذين يتقلبون الأعمال مثل القصار والصباغ والحائك والصائغ وغيرهم، فإذا تلف المال الذي يسلموه للعمل في أيديهم فهل عليهم الضمان أم لا؟ قيل فيه قولان:
أحدهما: يلزمهم، تعدوا فيه أو لم يتعدوا.
والثاني: لا ضمان عليهم إلا أن يتعدوا، وكلا الوجهين رواه أصحابنا، والأخير هو الأقوى والأظهر.
فأما بيان من يجوز له التوكيل ومن لا يجوز له التوكيل، فكل من يصح تصرفه في شئ مما تدخله النيابة صح التوكيل فيه، سواء كان الموكل رجلا أو امرأة، عدلا أو فاسقا، حرا أو مكاتبا، مسلما أو كافرا، حاضرا أو غائبا، لأن المكاتب لم يملك التصرف بإذن من جهة سيده فيكون تصرفه موقوفا على إذنه وإنما يملك المكاتب التصرف في كسبه بالكتابة، فمتى أراد التصرف في شئ تدخله النيابة كان له أن يباشره بنفسه، وكان له أن يوكل فيه من غير أن يرجع إلى السيد في شئ من ذلك.