وأما العبد فيصح أن يقبل النكاح لنفسه بإذن سيده، وهل يصح أن يتوكل لغيره في قبول النكاح له أم لا؟ ينظر: فإن كان بغير إذن سيده لم يصح، وإن كان بإذن سيده قيل فيه وجهان، وعندي أنه يجوز.
وأما الفاسق فيصح أن يقبل النكاح لنفسه بلا خلاف، وهل يصح أن يتوكل لغيره في قبول النكاح أم لا؟ قالوا فيه وجهان، وعندنا أنه يجوز ذلك ولا مانع يمنع منه.
وكل ما عدا هذه المسائل الثلاث مما يصح أن يتصرف فيه لنفسه وتدخل النيابة فيه فإن توكيله يصح فيها.
فأما ما لا يملك التصرف فيه بنفسه فلا يصح أن يتوكل فيه، مثل أن يتزوج الكافر المسلمة فإنه لا يصح منه أن يتوكل فيه لأنه لا يملك تزويجها، وعند الشافعي أن المرأة لا يصح منها أن تتوكل في النكاح لأنه لا يصح نكاح تتولاه بنفسها، وعندنا يصح منها النكاح والوكالة في النكاح.
وأما ما يملك التصرف فيه لكن لا تدخله النيابة فلا يصح أن يتوكل فيه لغيره.
وإذا ادعى رجل على رجل واستحضره الحاكم لمخاصمة المدعي كان له أن يحضره وكان له أن يقعد ويوكل غيره في الخصومة، رضي خصمه بذلك أم لم يرض، ولزمه أن يخاصم وكيله إن أراد المخاصمة، وكذلك إن حضر كان له أن يجيب بنفسه أو يوكل غيره في الجواب عنه، ولا يجبر على الجواب بنفسه، وكذلك للمدعي التوكيل في الخصومة على ما ذكرناه.
إذا وكل رجل رجلا بحضرة الحاكم في خصوماته واستيفاء حقوقه صحت الوكالة وانعقدت، فإذا قدم الوكيل بعد ذلك واحدا من خصومه أو ممن له عليه حق وكان ذلك بعينه من الموكل فادعى الوكيل الوكالة وطالب الخصم بحق موكله كان للحاكم أن يحكم له بالوكالة، ويمكنه من المخاصمة على قول من يقول: إن للحاكم أن يحكم بعلمه، ومن قال: لا يحكم بعلمه، لا يمكن التوكيل من