فبقي أن يكون لغيره، فإذا لم يقبل ذلك الغير فكأنه قال: لا مالك لي وأنا حر، ولو اعترف بالحرية قبل هذا لقبلنا، ولأن هذا المقر له، لما قال: ليس هو عبد، فكأنه قال: ليس لي، وأعتقته، فصار حرا بتكذيبه إياه.
وإن صدقه المقر له فالكلام في هذا الفصل والفصل الذي قبله إذا ادعى غيره وصدقه العبد سواء، وهل يقبل إقرار العبد على نفسه بالعبودية أم لا؟ عندنا أنه يقبل إذا كان عاقلا رشيدا لم يعرف قبل ذلك حريته، وإلا كان مدعيا لها.
وفي الناس من قال: لا يقبل، فمن قال يقبل قال: لأنه مجهول النسب فوجب أن يقبل إقراره، كالحربي إذا دخل في دار الإسلام والدعي رقا، لأنه غير متهم على نفسه، ولأنه لو أقام البينة بأنه عبده لقبلنا كذلك إذا أقر.
ومن قال لا يقبل قال: لأنا حكمنا بحريته وألزمناه بأحكام الحرية فإذا اعترف بالعبودية أراد إسقاط ذلك عن نفسه، وفي الناس من قال: يقبل إقراره في الرق ولا يقبل في أحكام الرق، وفرع على هذا القول.
وقيل على الأول: يقبل إقراره فيما يضره ويضر غيره، وعلى الثاني يقبل فيما يضر نفسه، ولا يقبل فيما يضر غيره.
ثم لا يخلو هذا اللقيط الذي اعترف بالرق من أحد أمرين: إما أن يكون ذكرا أو أنثى.
فإن كان أنثى، فمن قال: يبطل إقرارها فيما يضر نفسها وفيما يضر غيرها، فإن نكاحها يبطل في الأصل، لأن الحاكم زوجها على أنها حرة، فلما بأن أنها مملوكة فقد تزوجت بغير إذن سيدها وذلك باطل، ثم لا يخلو: إما أن يكون دخل بها أو لم يدخل، فإن كان قبل الدخول فلا يلزم الزوج المهر، لأن النكاح إذا كان فاسدا ولم يدخل بها فلا يجب المهر، وإن كان دخل بها وكان هذا بعد الدخول فإنه يلزمه المهر مهر المثل لأن النكاح إذا بطل بعد الدخول لزم مهر المثل، وأولادها أحرار، لأنه اعتقد أنها حرة يطأها بالزوجية، ويلزمه قيمة الأولاد لأنه لو لم يعتقد هذا لكانوا ممالك، ويلزمه القيمة يوم سقط لأنه أقرب ما يمكن أن