أجرة مثلها من حين الغصب إلى حين الرد والفرش معا، وإن كانت ناقصة عما كانت عليه فعليه أرش النقص، وإن لم يكن نقص لم يلزمه غير الأجرة، هذا إذا طولب بالرد.
فأما إن أراد الرد من غير المطالبة، فهل له ذلك أم لا؟ نظرت: فإن كان له غرض في الرد رده، مثل أن يكون نقله إلى طريق المسلمين أو إلى ملكه أو إلى ملك غيره، وأراد رده إليها، فالحكم على ما مضى من الفرش والترك والأجرة والنقص، وإن لم يكن له غرض في الرد مثل أن كان التراب منقولا إلى ملك مالكها لم يكن له الرد، لأنه لا غرض له فيه.
إذا غصب جارية فهلكت فعليه أكثر ما كانت قيمتها من حين الغصب إلى حين التلف، فإن اختلفا في مقدار القيمة فقال سيدها: عشرون، وقال الغاصب:
عشرة، فالقول قول الغاصب مع يمينه، لأن الأصل براءة ذمته، ولقوله عليه السلام: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، والغاصب منكر.
وهكذا لو اختلفا في الجنس فقال: غصبتني عبدا، وقال الغاصب: بل ثوبا، فالقول قول الغاصب، إلا أن الغاصب يعترف بالثوب، والمدعي لا يدعيه، ويدعي عبدا والمدعى عليه ينكره، فكان القول قول المدعى عليه، فإن كان مع المدعي بينة نظرت: فإن شهدت بأن قيمتها ألف درهم قضينا بها لأنها شهادة بمعلوم، وإن شهدت بأن قيمتها أكثر من ألف لم يحكم بها لأنها شهادة بمجهول، وإن لم تشهد بالقيمة لكنها تشهد بالصفة وتضبط الصفة، قومت بالصفة التي شهدت بها.
وقيل: إنها لا تقوم على الصفة لأنها لا تضبط، لأنه تكون الجاريتان على صفة واحدة ولون وسن وبينهما كسر في القيمة، لما يرجع إلى العقل والروح واللسان ولا يضبط إلا بالمعاينة، وهذا أقوى.
وإن اختلفا فقال الغاصب: كانت معيبة برصاء جذماء وغير ذلك، فالقول قول المالك لأن الأصل السلامة والغاصب يدعي خلاف الظاهر، فكان القول قول السيد، وفي الناس من قال: القول قول الغاصب لأن الأصل براءة ذمته