فامنن علي، فمن عليه على أن لا يعود إلى القتال، فمر إلى مكة فقال: إني سخرت بمحمد، وعاد إلى القتال يوم أحد فدعا رسول الله أن لا يفلت فوقع في الأسر فقال: إني ذو عيلة فامنن علي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أمن عليك حتى ترجع إلى مكة فتقول في نادي قريش: إني سخرت بمحمد مرتين، لا يلسع المؤمن من جحر مرتين، فقتله صلى الله عليه وآله بيده، وهذا نص في جواز المن.
وأما الدليل على جواز المفاداة بالرجال ما رواه أبو قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين: إن النبي صلى الله عليه وآله فادى رجلا برجلين، وأما الدليل على جواز المفاداة بالمال، ما فعله النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر، فإنه فادى جماعة من كفار قريش بمال والقصة مشهورة، قيل: إنه فادى كل رجل بأربعمائة، وقال ابن عباس: بأربعة آلاف، وفيهم نزل قوله تعالى: ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض... إلى قوله: عذاب عظيم.
وروي أن أبا العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله كان ممن وقع في الأسر وكانت هي بمكة فأنفذت مالا له لتفكه من الأسر، وكانت فيه قلادة كانت لخديجة أدخلت بها زينب على أبي العاص، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله عرفها فرق لها رقة شديدة فقال: لو خليتم أسيرها ورددتم مالها؟
قالوا: نعم، ففعلوا ذلك، وهذا نص لأنهم فادوه بالمال ثم منوا عليه برد المال عليها.
مسألة 18: ما لا ينقل ولا يحول من الدور والعقارات والأرضين، عندنا أن فيه الخمس فيكون لأهله، والباقي لجميع المسلمين من حضر القتال، ومن لم يحضر فيصرف ارتفاعه إلى مصالحهم.
وعند الشافعي أن حكمه حكم ما ينقل ويحول، خمسه لأهل الخمس، والباقي للمقاتلة الغانمين، وبه قال ابن الزبير.