الحكم ليس بمنصوص في كتاب الله أو القرآن فيحصل فيه اختلاف.
فإن نصبوا حكمين جاز، لأنه لما جاز الواحد جاز الاثنان، فإن اتفقا على الحكم جاز، وإن مات أحدهما لم يحكم الآخر حتى يتفقوا عليه، فإن لم يمت واختلفا لم يحكم حتى يجتمعا، فإن اجتمعا واختلفت الفئتان، فقالت إحديهما:
نحكم بهذا، وقالت الأخرى: لا نحكم بهذا، لم يجز أن يحكما حتى يتفقوا عليه.
فصل: في حكم المبارزة:
المبارزة على ضربين: مستحبة ومباحة.
فالمستحب أن يدعو المشرك إلى البراز، فيستحب للمسلم أن يبارزه كما فعل حمزة وعلي وعبيدة عليه السلام يوم بدر.
والمبارزة المباحة: أن يخرج المسلم إلى المشرك ابتداء فيدعوه إلى البراز، فهذه مباحة، وينبغي أن لا يخرج أحد إلى طلب المبارزة إلا بإذن الإمام، لأنه أعرف بفرسان المسلمين وفرسان المشركين ومن يصلح للبراز ومن لا يصلح.
فإن بارز مشرك مسلما نظر، فإن بارز مطلقا جاز لكل أحد رميه وقتله لأنه حربي لا أمان له، إلا أن تكون العادة قد جرت أن لا يقاتل عند البراز إلا المبارز وحده فيستحب الكف عنه، فإن برز بشرط بأن يقول: على أن لا يقاتلني غير صاحبي، وفي له بشرطه ولم يجز لغيره رميه لأنه قد عقد لنفسه أمانا، فإن ولى عنه المسلم مختارا ومتحيزا فطلبه المشرك ليقتله كان للمسلمين دفعه لأن الشرط قد زال، فإنه شرط الأمان ما دام في القتال وقد زال.
فإن زاد في الشرط فقال: أكون في أمان حتى أرجع إلى موضعي من الصف، وفي له بذلك، اللهم إلا أن يولي عنه المسلم مختارا أو متحيزا فيطلبه المشرك ليقتله أو يخشى عليه فحينئذ للمسلمين منعه باستنقاذه منه، فإن قاتلهم في هذه الحالة قاتلوه لأنه نقض الشرط.
فإن خرج وشرط أن لا يقاتله غير مبارزه، ثم استنجد أصحابه فأعانوه أو