ويطالب إما أن يرجع إلى الإسلام أو إلى الدين الذي خرج منه، ولو قيل أنه لا يقبل منه إلا الإسلام أو القتل لكان قويا للآية والخبر، فعلى هذا إن لم يرجع إلى الدين الذي خرج منه قتل ولم ينبذ إلى دار الحرب لأن فيه تقوية لأهل الحرب وتكثيرا لعددهم.
وأما إذا انتقل إلى دين لا يقر عليه أهله كالوثنية فإنه لا يقر عليه، والأقوى أنه لا يقبل منه إلا الإسلام، وعلى ما تقدم إن رجع إلى ما خرج منه أقر عليه، وكذلك إن رجع إلى دين يقر عليه أهله أقر عليه، والأول أحوط، فإن أقام على الامتناع فحكمه ما قدمناه من وجوب القتل عليه.
وأما أولاده، فإن كانوا كبارا أقروا على دينهم ولهم حكم نفوسهم، وإن كانوا صغارا نظر في الأم، فإن كانت على دين يقر عليه أهله ببذل الجزية أقر ولده الصغير في دار الإسلام سواء ماتت الأم أو لم تمت، وإن كانت على دين لا يقر عليه أهله كالوثنية وغيرها فإنهم يقرون أيضا لما سبق لهم من الذمة، والأم لا يجب عليها القتل.
فصل: في نقض العهد:
إذا عقد الإمام لعدة من المشركين عقد الهدنة إلى مدة فعليه الوفاء بموجب ذلك إلى انقضاء المدة لقوله تعالى: أوفوا بالعقود، وعليهم أيضا الوفاء بذلك، فإن خالف جميعهم في ذلك انتقضت الهدنة في حق الجميع، وإن وجد من بعضهم نظر في الباقين، فإن لم يكن منهم إنكار بقول أو فعل ظاهر أو اعتزال بلادهم أو مراسلة الإمام بأنهم على خلف كان ذلك نقضا للهدنة في حق جميعهم، وإن كان منهم إنكار لذلك كما بيناه كان الباقون على صلحه دون الناقضين لأن النبي صلى الله عليه وآله صالح قريشا فدخل في صلحه خزاعة وفي صلحهم بنو بكر، ثم إن بني بكر قاتلوا خزاعة وأعانهم قوم من قريش وأعاروهم السلاح فنقض رسول الله صلى الله عليه وآله الهدنة وسار إليهم ففتح مكة.