الفصل الثالث: في قسمة الغنائم:
جميع ما يغنم من بلاد الشرك يخرج منه ما شرطه الإمام كالجعائل والرضخ والأجر وما يصطفيه، ثم يخمس الباقي، وأربعة الأخماس الباقية إن كان مما ينقل ويحول فللمقاتلة ومن حضر القتال وإن لم يقاتل خاصة، للراجل سهم وللفارس سهمان، ولذي الأفراس ثلاثة، ومن ولد بعد الحيازة قبل القسمة أسهم له، وكذا من يلحقهم للمعونة، ولا يفضل أحد على غيره لشرفه أو شدة بلائه، ويقسم ما يغنم في المراكب هذه القسمة، ولا يسهم لغير الخيل، والاعتبار بكونه فارسا عند الحيازة لا بدخول المعركة، ولا نصيب للأعراب وإن جاهدوا.
والأسارى من الإناث والأطفال يملكون بالسبي، والذكور البالغون إن أخذوا قبل أن تضع الحرب أوزارها وجب قتلهم ما لم يسلموا، ويتخير الإمام بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ويتركهم حتى ينزفوا ويموتوا، وإن أخذوا بعد انقضاء الحرب لم يجز قتلهم، ويتخير الإمام بين المن والفداء والاسترقاق.
وأما الأرضون: فما كان حيا فللمسلمين كافة لا يختص بها الغانمون، والنظر فيها إلى الإمام، ولا يصح بيعها ولا وقفها ولا هبتها ولا ملكها على الخصوص، بل يصرف الإمام حاصلها في المصالح، والموات وقت الفتح للإمام لا يتصرف فيها إلا باذنه.
هذا حكم الأرض المغنومة، وأما أرض الصلح فلأربابها، ولو باعها المالك انتقل ما عليها من الجزية إلى رقبته، ولو أسلم سقط ما على أرضه أيضا، ولو شرطت الأرض للمسلمين كانت كالمغنومة.
وأما أرض من أسلم عليها أهلها طوعا فلأربابها، وليس عليهم سوى الزكاة مع الشرائط، وكل أرض ترك أهلها عمارتها فالإمام يقبلها ويدفع طسقها من المتقبل إلى أربابها، وكل من أحيا أرضا مواتا بإذن الإمام فهو أحق بها، ولو كان لها مالك كان عليه طسقها له، وإلا فللإمام، ومع غيبته فهو أحق، ومع ظهوره له رفع يده.