على أرضهم خراجا يكون بقدر الجزية ويلتزمون أحكامنا ويجريها عليهم كان ذلك جائزا ويكون ذلك جزية ولا يحتاج إلى جزية الرؤوس، فمن أسلم منهم سقط ما ضربه على أرضه من الصلح وصارت الأرض عشرية.
فإن شرط عليهم أن يأخذ منهم العشر من زرعهم على أنه متى قصر ذلك عن أقل ما يقتضي المصلحة أن يكون جزية كان جائزا، وكذلك إن غلب في ظنه أن العشر وفق للجزية كان جائزا، وإن غلب في ظنه أن العشر لا يفي بما توجبه المصلحة من الجزية لا يجوز أن يعقد عليه، وإن أطلق ولا يغلب في ظنه الزيادة أو النقصان فالظاهر من المذهب أنه يجوز، لأن ذلك من فروض الإمام واجتهاده فإذا فعله دل على صحته لأنه معصوم.
فصل: في تبديل أهل الجزية دينهم:
من كان مقيما على دين ببذل الجزية فدخل في غير دينه وانتقل إليه لم يخل، إما أن ينتقل إلى دين يقر أهله عليه ببذل الجزية، أو دين لا يقر عليه أهله.
فإن انتقل إلى دين يقر عليه أهله - كاليهودي ينتقل إلى النصرانية أو المجوسية - فظاهر المذهب يقتضي أنه يجوز أن يقر عليه لأن الكفر عندنا كالملة الواحدة، ولو قيل: إنه لا يقر عليه لقوله تعالى: ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، ولقوله عليه السلام: من بدل دينه فاقتلوه، وذلك عام إلا من أخرجه الدليل، كان قويا.
فإذا قلنا بالظاهر من المذهب وانتقل إلى بعض المذاهب أقر على جميع أحكامه، وإن انتقل إلى مجوسية فمثل ذلك، غير أن على أصلنا لا يجوز مناكحتهم بحال ولا أكل ذبائحهم، ومن أجاز أكل ذبائحهم من أصحابنا ينبغي أن يقول: إن انتقل إلى اليهودية والنصرانية أكل ذبيحته، وإن انتقل إلى المجوسية لا يؤكل ولا يناكح.
وإذا قلنا: لا يقر على ذلك - وهو الأقوى عندي - فإنه يصير مرتدا عن دينه،