مدبرين أمكنه كفه عنهم.
فإن عدم الشرطان أو أحدهما فلا يستعين بهم، فأما إن استعان عليهم بأهل الذمة فلا يجوز بحال، لأنه إذا لم يستعن عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين مع اعتقاده الإيمان فبأن لا يستعين عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين وهو يخالفهم في الدين ويعتقد قتلهم طاعة أولى، ولأنهم يرون قتلهم ديانة وطاعة وقربة فلا يستعين عليهم بمن يرى هذا فيهم.
للإمام أن يستعين على قتال أهل الحرب بالمشركين، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد فعل هذا لأنه استعار من صفوان سبعين درعا عام الفتح وخرج معه إلى هوازن، وكان مشركا، واستعان بغيره من المشركين، ولا يجوز إلا بشرطين:
أحدهما: أن يكون المستعان به حسن الرأي في الإسلام.
والثاني: أن يكون بالإمام من القوة ما لو صار أهل الشرك الذين معه مع أهل الحرب في مكان واحد أمكنه دفع الجميع عن نفسه.
لأن النبي عليه السلام هكذا فعل: استعان بمن كان حسن الرأي في الإسلام، لأن هوازن غلبت في أول النهار وانهزم أصحاب النبي عليه السلام فقال رجل: غلبت هوازن وقتل محمد، فقال له صفوان بن أمية: بفيك الحجر لرب من قريش أحب إلينا من رب من هوازن، ووقف رسول الله صلى الله عليه وآله وتراجع الناس، ثبت بهذا أنه استعان بمن له الرأي الحسن في الإسلام.
إذا افترق أهل البغي طائفتين ثم اقتتلت الطائفتان الباغيتان، فإن كان للإمام به قوة ومنة على قهرهما فعل، ولم يكن له معاونة إحديهما على الأخرى، لأن كل واحدة منهما على الخطأ، والإعانة على الخطأ من غير حاجة خطأ، ولأن معاونة إحديهما كالأمان لهم مع مقامهم على البغي، ولا يجوز عقد الأمان لأهل البغي.
فإذا ثبت أن هذا لا يسوع، قاتلهما معا حتى يعودا إلى الطاعة، وإن علم من نفسه أنه يضعف عنهما ولا يأمن أن تجتمع الطائفتان معا عليه، كان له أن يضم