لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدأكم بقتال، ولم يزد على هذا.
وروي أن ابن ملجم أتى الكوفة لقتل علي عليه السلام ففطن به وأتى به إلى علي فقيل له: إنه يريد قتلك، فقال علي عليه السلام: لا أقتله قبل أن يقتلني.
ولأنهم إذا كانوا مع الإمام وتحت قبضته وأحكامه تجري عليهم، لم يحل قتالهم، وإن كانوا معتقدين خلاف قوله، ألا ترى أن المنافقين كانوا على عهد النبي عليه السلام معروفين مشهورين بأعيانهم وأنسابهم وأسمائهم، وينزل فيهم القرآن، ولم يقتلهم النبي عليه السلام وإن كان يعلم منهم ما يعتقدونه، وكف عنهم لإظهار الشهادتين فرفع السيف عنهم بهذا الظاهر، ولم يتعرض لما يستنبطونه.
فإذا ثبت هذا نظرت:
فإن صرحوا بسب الإمام عزروا عندهم لمعنيين: أحدهما لو سب غير الإمام عزر، فبأن يعزر إذا سب الإمام كان أولى، والثاني لأن فيه تقصيرا في حقه، وعندنا يجب قتلهم إذا سبوا الأئمة.
وإن لم يصرحوا له بالسب لكنهم عرضوا له به عزروا، وقال قوم: لا يعزرون لأن عليا عليه السلام لما سمع قول القائل " لا حكم إلا لله " يعني حكمت في دين الله لم يعزره، والأول مذهبنا لأنه لو عرف بالقذف عزر، كذلك إذا عرض بالشتم والسب وجب أن يعزر ولأنه إن لم يعزر أفضي إلى التصريح.
فإذا تقرر أنهم لا يقتلون ما داموا في قبضة الإمام، فإن بعث الإمام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا صاحبا للإمام غير الوالي، وكان القتل مكابرة ظاهرة في جوف البلد، فعليهم القود، لما روي أن عليا عليه السلام بعث عبد الله بن خباب عاملا على الخوارج بالنهر وإن قتلوه، فأرسل إليهم: أن ادفعوا إلينا قاتله لنقتله به، فلم يفعلوا وقالوا: كلنا قتله، فقال: استسلموا بحكم الله عليكم، فأبوا فسار إليهم فقاتلهم وأصاب أكثرهم.