قليلا كاليوم ونحو ذلك أنظرهم ليدبروا ويتفكروا في الطاعة، لأنه من المصلحة، وإن سألوا الإنظار مدة طويلة كالشهر ونصف الشهر ونحو هذا، بحث الإمام عن هذا ونظر فيه، فإن علم أنها مكيدة وتدبير على القتال والتجمع لذلك، عاجلهم بالقتال حذرا أن يتم عليهم منهم ما يتعبه وربما وقع الظفر به، وإن علم أن القصد التكفؤ والتدبير في الطاعة، ورجا دخولهم في طاعته أنظرهم لأنها مصلحة.
ومتى قلنا: لا يمهلهم، فسألوه الإنظار ببذل مال بذلوه لم يجز أخذ المال على تأخير قتالهم، وهو لا يأمن قوتهم واشتداد شوكتهم، لأن المال إنما يؤخذ على ترك القتال ذلة وصغارا، ولا صغار على المسلمين ولأنه ربما أنفق أكثر مما يأخذ منهم، فإن سألوا الإنظار ببذل الرهائن من أولادهم ونحو هذا لم يجز له تأخير القتال لأنه ربما قويت شوكتهم، فإذا قاتلونا لم يحل لنا قتل الرهائن، لأن الجاني غيرهم فلهذا لم نأخذ الرهائن.
وإن كان في أيدي أهل البغي أسير من أهل العدل، فطلبوا الصلح من أهل العدل والحرب قائمة، وضمنوا تخلية من عندهم من الأسرى، وأعطوا بذلك رهائن قبلت الرهائن، واستوثق للمسلمين، ثم ينظر فإن أطلقوا من في أيديهم من الأسارى أطلق أساراهم، وإن قتلوا الأسارى لم يقتل أساراهم لأن القاتل غيرهم، ثم ينظر فيهم، فإن كانت الحرب قائمة لم يطلق الأسارى، فإذا انقضت الحرب أطلقوا رهائنهم كما يطلق أسيرهم سواء.
إن خاف على الفئة العادلة الضعف لقلتها، وخاف أن تنالهم نكبة من أهل البغي كان له الإنظار حتى تشتد شوكته، ويقوى أمره، ويكثر جنده، لأنه لا يأمن إن قاتلهم أن يهزموه وربما استأصلوا شافته، فلهذا كان له إنظارهم.
إذا استعان أهل البغي على قتال أهل العدل بالمشركين لم يخل من ثلاثة أحوال: إما أن يستعينوا بأهل الحرب أو بأهل الذمة أو بالمستأمنين.
فإن استعانوا بأهل الحرب وعقدوا لهم ذمة أو أمانا على هذا، كان ما فعلوه باطلا لا ينعقد لهم أمان، ولا يثبت لهم ذمة، لأن من شرط صحة عقد الذمة أن