استوفيت منه، فإن كان قوله لا يخالف الظاهر مثل أن قال: قد حال الحول على مالك، فقال رب المال: ما حال، فالقول قوله مع يمينه استحبابا لأن قوله لا يخالف الظاهر، لأن الأصل أن الحول ما حال، وإن كان قوله مخالفا للظاهر مثل أن قال: قد حال الحول على مالك، فقال: انقطع الحول في أثناء الحول لأني بعتها ثم اشتريتها، أو قال: قد حال الحول وقد أخذ الزكاة مني ساع قبلك، فالقول قوله لأنه أمين.
وهل اليمين واجبة أو مستحبة؟ على ما مضى، فمن قال: مستحبة، فإن حلف وإلا تركه، ومن قال: على الوجوب، فإن حلف أسقط الدعوى، وإن لم يحلف أخذنا بالزكاة لا بالنكول، ولكن بظاهر الوجوب عليه وعندنا أنه لا يمين عليه بحال، وكذلك في هذه المسألة سواء.
وأما أهل الذمة إذا ذكروا أنهم أدوا الجزية فلا يقبل قولهم، لأن الجزية بمنزلة الأجرة، فإنها تحقن الدم والمساكنة، ومن سكن الدار وادعى أنه أدى الأجرة لم يقبل قوله، ولأنه لا أمانة لهم، ويفارق أهل الزكاة لأنهم أمناء.
وأما الخراج فإن زعموا أنه قد استوفى منهم فهل يقبل قولهم في ذلك أم لا؟
قال قوم: يقبل قولهم، لأنهم مسلمون، وعندنا لا يقبل قولهم، لأن الخراج ثمن أو أجرة المثل، وأيهما كان لم يقبل قولهم في أدائه، ويفارق الزكاة لأنها على سبيل المواساة وأداؤها عبادة فلهذا قبل قولهم، وليس كذلك الجزية والخراج، لأنها معاوضة وهذا بدل في معاوضة فلم يقبل قوله في أدائه فبان الفصل بينهما.
إذا نصب أهل البغي قاضيا يقضى بينهم أو بين غيرهم نظرت:
فإن كان القاضي ممن يعتقد إباحة أموال أهل العدل ودمائهم، لم ينعقد له قضاء، ولم ينفذ له حكم، سواء وافق الحق أو لم يوافقه، لأن من يستبيح أموال أهل العدل لم يؤمن على القضاء، وعندهم لم يكن من أهل الاجتهاد.
وإن كان ثقة في دينه لا يستبيح أموال أهل العدل ولا دماءهم عندنا لم ينفذ قضاؤه أيضا لأنه لم يتقلده من قبل من له التولية، وقال قوم: ينفذ قضاؤه كما ينفذ