لما أسروا قالوا: والله ما كفرنا بعد إسلامنا وإنما شححنا على أموالنا، وقالوا حين منعوا: قال الله: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم، جعل الله صلاة النبي سكنا لنا وليست صلاة ابن أبي قحافة سكنا لنا، وكل هذا دليل على إسلامهم.
وقد قال شاعرهم:
أطعنا رسول الله ما كان بيننا * فوا عجبا ما بال ملك أبي بكر فأخبروا أنهم أطاعوا رسول الله، ثبت أنهم كانوا مؤمنين، فإذا ثبت قتال مانعي أهل الزكاة كان قتال أهل البغي بذلك أولى.
وأيضا فلا أحد من الأمة يفرق بين المسألتين، وقد قاتل علي عليه السلام ثلاث طوائف: قاتل أهرم البصرة يوم الجمل عائشة وطلحة والزبير وعبد الله بن الزبير وغيرهم.
وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عليه السلام قال: دخلت على مروان بن الحكم فقال: ما رأيت أحدا أكرم عليه من أبيك ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادى مناديه: لا يقتل مدبر ولا يدنف على جريح.
وقاتل أهل الشام ومعاوية ومن تابعه، وقاتل أهل النهروان والخوارج وهؤلاء كلهم عندهم محكوم بكفرهم، لكن ظاهرهم الإسلام وهم عندهم مسلمون، لكن قاتلوا الإمام العادل، فإن الأمة كانت بعد عثمان لعلي عليه السلام بلا خلاف، وكل من خالفه فقد بغى عليه وخرج عن قبضة الإمام وجب قتالهم، وتسميتهم البغاة عندنا ذم لأنه كفر عندنا، وقال بعضهم: ليس بذم ولا نقصان، وهم أهل الاجتهاد اجتهدوا فأخطأوا بمنزلة طائفة خالفوا من الفقهاء لأنهم مؤمنون عندهم قاتلوا بتأويل سائغ وقد قلنا: إن هؤلاء كفار، وهذا التأويل خطأ كبير لا يسوع على حال.
ولا يجب قتال أهل البغي ولا تتعلق بهم أحكامهم إلا بثلاث شروط:
أحدهما: أن يكونوا في منعة لا يمكن كفهم وتفريق جمعهم إلا بإنفاق