قد مضى الكلام في ملك المرتد والاختلاف فيه، فأما تصرفه، فمن قال:
ملكه زال، فقد انقطع تصرفه فيه، ومن قال: ثابت أو مراعى، فالحاكم يحجر عليه فيه لئلا يتصرف فيه بالإتلاف، لأن هذا المال محفوظ، فإن عاد إلى الإسلام رد إليه، وإن مات أو قتل كان فيئا أو ميراثا على ما تقدم.
فإذا ثبت أنه يحجر عليه فإنه يحفظ كل صنف بما يحفظ مثله به، فإن كان ناضا أو أثاثا دفع إلى عدل، وإن كان عقارا فكذلك، ويؤمر بحفظه واستغلاله، وإن كان له رقيق دفع ذكور الرقيق إلى عدل أيضا، ويدفع الإناث إلى عدل من النساء، فمن كان ذا صناعة صنعها ويؤاجر بذلك، وإن لم يكن له صنعة يؤاجر للخدمة وتؤاجر الأمة من النساء، والذكور من الرجال والأمة القن وأم الولد في هذا سواء.
وأما المكاتب فيكون على كتابته يؤدى من مال الكتابة إلى الإمام ويعتق لأن الإمام قائم مقامه فيه، ويكون ولاؤه له، إن كان شرط عندنا، وإن عاد إلى الإسلام رد إليه، وإن لحق بدار الحرب لم يغير من ذلك شيئا إلا في فصل وهو أنه يباع عليه الحيوان لأنه لا يدري متى يكون رجوعه إذا كان له الحظ في بيعه، فأما ما كان له الحظ في حفظه وإيقافه حفظ عليه.
وقال قوم: لحوقه بدار الحرب بمنزلة موته، يحل ديونه المؤجلة، ويعتق المدبر وأم الولد، ويقسم ماله بين ورثته على فرائض الله، والأول أقوى لأنه لا دليل على ذلك، ولأنه ربما عاد إلى الإسلام فيضيع ماله.
فأما زوجاته فقد بيناه في كتاب النكاح، فإن ارتد قبل الدخول بانت منه بنفس الردة، ولها نصف المهر، وإن كان بعد الدخول وقف الفسخ على انقضاء العدة، فإن عاد إلى الإسلام قبل انقضاء العدة فهما على الزوجية وإن انقضت العدة قبل رجوعه بانت منه ونفقتها في ماله قبل انقضاء العدة.
فأما ولده فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون ولد حال الإسلام أو في حال الردة.