قضاء غيره، سواء كان القاضي من أهل البغي أو من أهل العدل، وقال بعضهم:
إن كان من أهل العدل نفذ حكمه، وإن كان من أهل البغي لم ينعقد له قضاء، ولم ينفذ ما كان حكم به.
فمن أجاز قضاءهم قال: لا يرد من قضاياهم إلا ما يرد من قضايا غيرهم، فإن كان حكمه قد خالف فيه كتابا أو سنة أو إجماعا أو قياسا لا يحتمل إلا معنى واحدا نقضناه، وإن لم يخالف شيئا من هذا أمضيناه ونفذناه.
فإن كان حكم بسقوط الضمان عنهم فيما أتلفوه على أهل العدل، نظرت:
فإن كان حكم بسقوط الضمان عما أتلفوه قبل القتال أو بعده لم ينفذ حكمه، لأنه خالف الإجماع، وإن كان حكم بسقوط الضمان عنهم فيما أتلفوه حال القتال، سقط لأنها مسألة خلاف يسوع فيها الاجتهاد، وقد بينا على مذهبنا أن جميع ذلك لا ينفذ على وجه، لأن ولايته غير منعقدة، ولأن الاجتهاد عندنا باطل، والحق في واحد لا يسوع خلافه.
فأما إذا كتب قاضيهم إلى قاضي أهل العدل بحكم حكم به أو بما ثبت عنده، عندنا لا يجوز له أن يحكم به. وعندهم يستحب له أن يرده ولا يقبله استهانة بهم وكسرا لقلوبهم، فإن قبله ونفذه جاز، وقال قوم: يرد الكتاب ولا يعمل به على ما قلناه.
إذا شهد عدل من أهل البغي لم تقبل شهادته عندنا، وعندهم تقبل غير أن بعضهم يقول: إن أهل البغي فساق لكنه فسق على طريق التدين، والفسق على طريق التدين لا ترد به الشهادة عنده لأنه يقبل شهادة أهل الذمة. وقد قلنا أن عندنا أنه لا تقبل لأنهم فساق، ولا تقبل عندنا شهادة الفاسق، سواء كان على طريق التدين أو لا على وجه التدين.
وقال بعضهم: أقبل شهادته إذا كان ممن لا يرى أنه يشهد لصاحبه بتصديقه مثل الخطابية، فإنهم يعتقدون تحريم الكذب والإقدام على اليمين الكاذبة، فإذا كان لبعضهم حق على من يجحده ولا شاهد له به يذكر ذلك لأهل دينه وحلف