فصلناه في أهل البغي سواء أتلفوا قبل القتال أو بعده، فعليهم الضمان، وإن كان الإتلاف حال الحرب فعليهم الضمان عندنا وعند قوم لا ضمان عليهم مثل أهل البغي.
أهل الردة بعد رسول الله ضربان:
الضرب الأول: منهم قوم كفروا بعد إسلامهم مثل مسيلمة وطليحة والعنسي وأصحابهم، وكانوا مرتدين بالخروج من الملة بلا خلاف.
والضرب الثاني: قوم منعوا الزكاة مع مقامهم على الإسلام وتمسكهم به، فسموا كلهم أهل الردة، وهؤلاء ليسوا أهل ردة عندنا وعند الأكثر.
والردة في لغة العرب: ترك حق كانوا مقيمين عليه متمسكين به، فكل من فعل هكذا فهو مرتد عنه، فذلك الحق الذي ارتدوا عنه ينقسم فمنه خروج عن الملة بالكفر وهو ترك حق، ومنه ترك حق مع المقام على الملة كمنع الزكاة ونحو ذلك، وقد بينا أن ما يجري هذا المجرى لا يسمى به مرتدا كما أن من وجب عليه الدين فمنعه مع المطالبة لا يسمى مرتدا، وقال قوم: كانوا مرتدين لأنهم استحلوا منع الزكاة، ومن استحل متعمدا منعها كفر، وهذا ليس بصحيح لأنا بينا أنهم ما استحلوها وإنما منعوها لشبهة.
قد ذكرنا أن أهل البغي الذين تتعلق بهم أحكام البغاة أن يكونوا في منعة يحتاج في فلهم وتفرقة جمعهم إلى إنفاق الأموال وتجهيز الجيوش، فأما إن كانت الفئة قليلة لا يمنع أخذها عن إرادتها لم تتعلق بهم أحكام أهل البغي، وكانوا كغير المتأولين تقام عليهم الحدود، وتستوفى منهم الحقوق.
وروى جعفر بن محمد عليه السلام أن عليا قال في ابن ملجم بعد ما ضربه:
أطعموه واسقوه وأحسنوا إساره فإن عشت فأنا ولي دمي أعفو إن شئت وإن شئت استقدت وإن مت فقتلتموه فلا تمثلوا، فكان هذا منه عليه السلام عندنا تفضلا وإحسانا، وإلا فقد بينا أنه كافر بما فعله، وعندهم تأويله لم ينفعه أيضا.
وأما إن كانت كثيرة ذات منعة لكنهم ما خرجوا عن قبضة الإمام فتأولوا