وأتلفوا ضمنوا، وأقيمت عليهم الحدود، لما روي أن عليا عليه السلام استعمل على قوم نابذوه واليا فسمعوا له ما شاء الله، ثم قتلوه، فأرسل إليهم: أن ادفعوا إلينا قاتله فنقتله به، فقالوا: كلنا قاتله، قال: فاستسلموا بحكم الله عليكم، قالوا:، لا، فسار إليهم فقاتلهم وأصاب أكثرهم فثبت أن الخروج عن قبضة الإمام شرط، ولأنهم إذا كانوا في قبضته وتحت يده وحكمه يجري عليهم لم يؤد استيفاء الحقوق منهم إلى تنفيرهم ومنعهم من المتابعة، لأن القوم في قبضته.
إذا عاد أهل البغي إلى الطاعة وتركوا المباينة حرم قتالهم، وهكذا إن قعدوا فألقوا السلاح، وهكذا إن ولوا منهزمين إلى غير فئة، الحكم في هذه المسائل الثلاث واحد، لا يقتلون ولا يتبع مدبرهم، ولا يدنف على جريحهم بلا خلاف فيه، لقوله تعالى: فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فأوجب القتال إلى غاية، وقد وجدت فوجب أن يحرم قتالهم.
فأما إن ولوا منهزمين إلى فئة لهم يلتجئون إليها فلا يتبعون أيضا، وقال قوم:
يتبعون ويقتلون، وهو مذهبنا، لأنا لو لم نقتلهم ربما عادوا إلى الفئة، واجتمعوا ورجعوا للقتال.
آحاد أهل البغي متى أتلفوا ضمنوا، وإن أتلف جماعتهم والحرب قائمة، قال قوم: يضمنون وهو مذهبنا، وقال آخرون: لا يضمنون، قالوا: والفرق بينه وبين الجماعة أن الجماعة متى ضمنت ما أتلفت أدى إلى التنفير عن الرجوع إلى الحق، وهذا ساقط في حق واحد وهذا ينتقض بالواحد، لأنا متى ضمناه أدى إلى تنفيره.
الخوارج هم الذين يعتقدون أن من أتى كبيرة مثل شرب الخمر والزنى والقذف فقد كفر، وصار مخلدا في النار، فإذا ظهر قوم رأيهم رأي الخوارج أو مذهبهم وامتنعوا من الجماعات، وقالوا: لا نصلي خلف إمام كافر لم يجز قتلهم ولا قتالهم على هذا ما داموا في قبضة الإمام بلا خلاف، لما رواه ابن عباس أن عليا عليه السلام بينما يخطب إذ سمع تحكيما من ناحية المسجد " لا حكم إلا لله " فقال علي عليه السلام: لا حكم إلا لله كلمة حق أريد بها باطل، لكم علينا ثلاث: