وتجهيز جيوش وقتال، فأما إن كانوا طائفة قليلة وكيدها كيد ضعيف، فليسوا بأهل البغي، فأما قتل عبد الرحمان بن ملجم أمير المؤمنين عليه السلام عندنا كفر وتأويله غير نافع له، وعندهم هو وإن تأول فقد أخطأ ووجب قتله قودا.
والثاني: أن يخرجوا عن قبضة الإمام منفردين عنه في بلد أو بادية، فأما إن كانوا معه وفي قبضته فليسوا أهل البغي.
وروي أن عليا عليه السلام كان يخطب فقال رجل من باب المسجد: لا حكم إلا لله، تعريضا بعلي أنه حكم في دين الله، فقال علي عليه السلام: كلمة حق يريد بها باطل، لكم علينا ثلاث: ألا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدأكم بقتال، فقال: ما دامت أيديكم معنا يعني لستم منفردين.
والثالث: أن يكونوا على المباينة بتأويل سائغ عندهم، وأما من باين وانفرد بغير تأويل فهؤلاء قطاع الطريق حكمهم حكم المحاربين، وليس من شرط قتالهم أن ينصبوا لأنفسهم إماما لأن الله تعالى لم يذكر ذلك حين أوجب قتالهم، وقال بعضهم: نصب الإمام شرط، وهو ضعيف عندهم.
فكل موضع حكم بأنهم بغاة لم يحل قتالهم حتى يبعث الإمام من يناظرهم ويذكر لهم ما ينقمون منه، فإن كان حقا بذله لهم، وإن كان لهم شبهة حلها، فإذا عرفهم ذلك فإن رجعوا فذاك وإن لم يرجعوا إليه قاتلهم لأن الله تعالى أمر بالصلح قبل الأمر بالقتال، فقال: فأصلحوا بينهما فإن بغت فقاتلوا، ثبت أنهم لا يقاتلون قبل ذلك.
وروي عن علي عليه السلام أنه لما أراد قتال الخوارج بعث إليهم عبد الله بن عباس ليناظرهم، فلبس حلة حسنة ومضى إليهم فقال: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وزوج ابنته فاطمة وقد عرفتم فضله فما تنقمون منه؟ قالوا: قلنا حكم في دين الله وقتل ولم يسب، فإما أن يقتل ويسبى أو لا يقتل ولا يسبى، إذا حرمت أموالهم حرمت دماؤهم والثالث محا اسمه من الخلافة.