فقال ابن عباس: إن خرج عنها رجعتم إليه؟ قالوا: نعم، قال ابن عباس: أما قولكم حكم في دين الله، تعنون الحكمين بينه وبين معاوية، وقد حكم الله في الدين قال: وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، وقال:
يحكم به ذوا عدل منكم، فحكم في أرنب قيمته درهم، فبأن يحكم في هذا الأمر العظيم أولى، فرجعوا عن هذا.
قال: وأما قولكم: كيف قتل ولم يسب؟ فأيكم لو كان معه فوقع في سهمه عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله كيف يصنع؟ وقد قال الله عز وجل: ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا، قالوا: رجعنا عن هذا.
قال: وقولكم محا اسمه من الخلافة، تعنون أنه لما وقعت المواقفة بينه وبين معاوية كتب بينهم " هذا ما واقف أمير المؤمنين على معاوية "، قالوا له: لو كنت أمير المؤمنين ما نازعناك فمحى اسمه. فقال ابن عباس: إن كان محا اسمه من الخلافة فقد محا رسول الله اسمه من النبوة لما قاضى صلى الله عليه وآله سهيل بن عمرو بالحديبية، كتب الكتاب علي " هذا ما قاضى عليه رسول الله سهيل بن عمرو " فقال: إنه لو كنت رسول الله ما خالفناك، فقال النبي عليه السلام لعلي:
أمحه، فلم يفعل، فقال لعلي: أرنيه، فأراه، فمحاه النبي عليه السلام بإصبعه، فرجع بعضهم، وبقى منهم أربعة ألف لم يرجعوا فقاتلهم علي عليه السلام فقتلهم.
فثبت أنهم لا يبدأون بالقتال حتى يعرض عليهم الإجابة، كمن لم تبلغه الدعوة، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: الخوارج كلاب أهل النار.
إذا انقضت الحرب بين أهل العدل والبغي إما بالهزيمة أو بأن عادوا إلى طاعة الإمام، وقد كانوا أخذوا الأموال وأتلفوا وقتلوا، نظرت فكل من وجد عين ماله عند غيره كان أحق به، سواء كان من أهل العدل أو أهل البغي، لما رواه ابن عباس أن النبي عليه السلام قال: المسلم أخو المسلم لا يحل دمه وماله إلا بطيبة من نفسه.
وروي أن عليا عليه السلام لما هزم الناس يوم الجمل قالوا له: