عندنا غير صحيح لأن التبعة على أهل البغي فيما يتلفونه من نفس ومال على ما سيجئ بيانه، وإن لم يذكر في الآية فقد علمناه بدليل آخر.
الخامس: قالوا فيها دلالة على أن من كان عليه حق فمنعه بعد المطالبة به حل قتاله، فإن الله تعالى لما أوجب قتال هؤلاء لمنع حق كان كل من منع حقا بمثابتهم، وعلى كل أحد قتالهم، وهذا ليس بصحيح عندي، لأن هذا خطاب للأئمة دون آحاد الأمة، وليس - من حيث قال: فقاتلوا التي تبغي، فأتي بلفظ الجمع - ينبغي أن يتناول الجميع لأن هذا يجري مجرى قوله: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، ولا خلاف أن هذا خطاب للأئمة، ونحن وإن وجبت علينا طاعة الإمام في قتال هؤلاء، فإن قتالنا تبع لقتال الإمام، وليس لنا الانفراد.
بقتالهم.
وروى ابن عمر وسلمة بن الأكوع وأبو هريرة أن النبي عليه السلام قال: من حمل علينا السلاح فليس منا، وروي عنه أنه قال: من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية، وروى ابن عباس أن النبي عليه السلام قال: من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه، وروى ابن عمر أن النبي عليه السلام قال: من خلع يده عن طاعة الإمام جاء يوم القيامة لا حجة له عند الله، ومن مات وليس في عنقه بيعة فقد مات ميتة جاهلية.
ولا خلاف أيضا أن قتال أهل البغي واجب جائز، وقد قاتل أبو بكر طائفتين: قاتل أهل الردة - قوم ارتدوا بعد النبي عليه السلام - وقاتل مانعي الزكاة وكانوا مؤمنين، وإنما منعوها بتأويل، يدل على ذلك أن أبا بكر لما ثبت على قتالهم قال عمر: كيف تقاتلهم وقد قال النبي عليه السلام: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله؟ فقال أبو بكر: والله لا فرقت بين ما جمع الله، هذا من حقها لو منعوني عناقا مما يعطون رسول الله لقاتلتهم عليها.
فموضع الدلالة أن عمر توقف عن قتالهم لكونهم مؤمنين، وأيضا فإن القوم