الأوقات العشر الأواخر من شهر رمضان فإن اعتكف في غيرها كان أيضا جائزا وفيه فضل كبير، والمواضع التي يجوز فيها الاعتكاف كل مسجد جمع الإمام العادل فيه بالناس صلاة جمعة يوم الجمعة وهي أربعة مساجد: المسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الكوفة ومسجد البصرة، وقد روي في بعض الأخبار: مسجد المدائن. والمعول على المساجد التي ذكرناها، ولا يجوز الاعتكاف فيما عدا هذه المساجد التي قدمنا ذكرها.
ومتى أراد الانسان الاعتكاف فلا يعتكف أقل من ثلاثة أيام فإنه لا اعتكاف أقل منها، ولا بد أن يصوم واجبا لأنه لا اعتكاف إلا بصوم، فمن اعتكف ثلاثة أيام كان فيما زاد عليها بالخيار إن أراد أن يزداد ازداد وإن أراد أن يرجع رجع، فإن صام بعد الثلاثة أيام يومين آخرين لم يجز له الرجوع وكان عليه تمام ثلاثة أيام أخر وأن كان قد زاد يوما واحدا جاز له أن يفسخ الاعتكاف، وينبغي للمعتكف أن يشترط على ربه في حال ما يعزم على الاعتكاف كما يشترط في حال الإحرام بأنه إن عرض له مرض وما أشبهه كان له الرجوع فيه فإنه متى فعل ذلك ثم عرض لي مرض جاز له أن يرجع فيه أي وقت شاء فإن لم يشترط لم يكن له الرجوع فيه إلا أن يكون أقل من يومين فإن مضى عليه يومان وجب عليه أيضا تمام ثلاثة أيام حسب ما قدمناه.
وعلى المعتكف أن يجتنب جميع ما يجتنبه المحرم من النساء والطيب والرياحين والكلام الفحش والمماراة والبيع والشراء ولا يفعل شيئا من ذلك، ولا يجوز له أن يخرج من المسجد الذي اعتكف فيه إلا لضرورة تدعوه إلى ذلك من تشييع أخ أو جنازة أو عيادة مريض أو قضاء حاجة لا بد له منها، فمتى خرج لإحدى الأشياء التي ذكرناها فلا يقعد في موضع ولا يمشي تحت الظلال، ولا يقف فيها إلا عند الضرورة إلى أن يعود إلى المسجد، ولا يصلى المعتكف في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة خاصة فإنه يجوز له أن يصلى بمكة في أي بيوتها شاء، ومتى اعتل المعتكف جاز له أن يخرج من المسجد إلى بيته فإذا برئ قضى اعتكافه وصومه.
واعتكاف المرأة كاعتكاف الرجل سواء وحكمها حكمه في جميع الأشياء، فإن طمثت خرجت من المسجد فإذا طهرت عادت وقضت الاعتكاف والصوم، ولا يجوز للمعتكف