فالأدلة قاصرة عن اثباته، أما ما دل على أنه طهور فواضح وأما ما دل على أن التراب بمنزلة الماء، فهو وإن اقتضى عموم المنزلة، لكن العلم ببقاء الأثر في الجملة المقتضي لوجوب الغسل لدى القدرة موجب لصرف الذهن عن إرادة التشبيه في إزالة الذات انتهى ملخصا ثم تأمل وتردد وأمر بالاحتياط.
ولا يخفى ما فيه فإنه مضافا إلى أن التضاد بين الصفتين ارتكازي بين المتشرعة، وأن القطرات غير الاختيارية في المسلوس والمبطون ليست سببا للحدث بمقتضى الجمع بين الأدلة كما حقق في محله، وأن الحدث مانع للصلاة لا الطهارة شرط على الأقرب، وإنما أمر بالطهارة لإزالة الجنابة وساير الأحداث، وإن يوهم شرطيتها بعض الأدلة كقوله: " لا صلاة إلا بطهور " لكن مع تذيله بقوله: " ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار " (1) يدفع التوهم كما أشرنا إليه، كما أن قوله تعالى: " وإن كنتم جنبا فاطهروا " ظاهر في أن الأمر بالاغتسال لإزالة الجنابة: أن انكار دلالة الأدلة على إزالة ذات المانع في غير محله.
أما الآية الكريمة فمع تصديرها بقوله: " وإن كنتم جنبا فاطهروا " الذي هو كالنص في أن الغسل مزيل للجنابة ورافع له، وليس ذلك إلا للتضاد بين الوصفين، تكون ظاهرة جدا في أن التيمم أيضا رافع عند فقدان الماء، لما تقدم مرارا من استفادة عموم التنزيل منها، ولو لم تكن مذيلة بقوله: " ولكن يريد الله ليطهركم " ومعه لا يبقى مجال تشكيك فيه.
نعم لو كان الدليل العقلي المعروف بينهم تاما، لما كان بد من توجيهها وتوجيه ساير الأدلة التي هي كالنص في الطهورية، ولعل اعراض القوم عن هذا الظاهر والتزامهم بالاستباحة لأجلي المانع العقلي، كما هو المعول عليه من زمن شيخ الطائفة رضي الله عنه، وبعدما تقدم من تصوير الرافعية من غير لزوم اشكال عقلي لا يبقى مجال لرد الأدلة.
والعجب من دعوى وضوح عدم دلالة مثل قوله: " التيمم أحد الطهورين " وأن الله