وإن كان لغيره فلا يبعد القول بجواز ايثاره على نفسه، لا لما قيل من عدم الدليل على وجوب حفظه حتى مع العلم بعدم الإصابة في مثل المورد، لأن المتيقن من الأدلة اللبية إنما هو حرمة تفويت التكليف بإراقة الماء ونحوه، مما يعد فرارا من التكليف، وأما حرمة صرفه في مقاصده العقلائية التي من أهمها احترام موتاهم بتغسيلها فلا.
وذلك لما عرفت في محله من دلالة الآية وغيرها على عدم جواز تعذير العبد نفسه، ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين المقامات، ودعوى استفادة الحكم من الأدلة المتفرقة في تجويز التيمم بخوف العطش ولو على الدواب، وفي مورد الدخول في الركية وغيرهما من الموارد في غير محلها، كما أن دعوى جواز صرف الماء في مطلق المقاصد العقلائية في غير محلها، بل لأن العقل الحاكم في مقام الإطاعة وكيفيتها لا يرى ذلك مخالفة لأمر المولى.
توضيحه أن المولى إذا أمر عبيده بشئ كتنظيف بدنهم حين الورود على محضره بحيث يكون في تنظيف كل واحد منهم غرض الزامي ولم يوجد ماء كاف لجميعهم، ولم يكن حصول أغراض المولى لقصور الماء، ولم يكن في نظره فرق بين فعل النظافة منه ومن غيره، وتركها كذلك لا يعد العقل من آثر غيره على نفسه باعطائه مائه لا طاعة أمر المولى مخالفا لأمره، بعد كون المولى واحدا والعبيد كلهم موظفين بإطاعته وبالجملة بعد كون العبيد من مولى واحد وعملهم لتحصيل غرضه لا يفرق العقل في مقام المزاحمة وعدم امكان الجمع بين السقوط منه ومن غيره، بل لو آثر غيره على نفسه لوصوله إلى المثوبة يكون مأجورا للايثار.
وأوضح منه ما إذا كان الماء مباحا، فإن التخلية بينه وبين غيره وايثاره على نفسه حسن عقلا، وليس مخالفا لأمره بعد أن لا يكون غرضه الاهمال في أمره، و التواني في إطاعته.
وإن شئت قلت: إن حال العبيد بالنسبة إلى إطاعة المولى الواحد في المزاحمة كعبد واحد بالنسبة إلى تكاليف متعددة متساوية في مقام المزاحمة، فكما يحكم