في أن الضرب لصرف التمسح للوجه ولا موضوعية له، وبالجملة لا يحرز من مثله القيدية ولو مع قطع النظر عن ساير الروايات.
ثم إن الروايات التي في الباب منها ما هي مشتملة على حكاية عمار بن ياسر كصحيحة زرارة " قال قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لعمار " إلى أن قال " فقال: كذلك يتمرغ الحمار أفلا صنعت كذا؟ ثم أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد " الخ (1).
والظاهر منها ظهورا كاد أن يكون كالنص أن قوله: " ثم أهوى " من تتمة كلام أبي جعفر عليه السلام أي أهوى النبي صلى الله عليه وآله، والحاكي له أبو جعفر عليه السلام، فلا يأتي فيه احتمال الاشتباه إلا من الرواة في نقل القول وهو مدفوع بالأصل، وظاهرها كفاية الوضع ولو لم يشتمل على خصوصية زائدة وهي الدفع واللطم، إذ لو كانت دخيلة في ذلك لما أهملها أبو جعفر عليه السلام في مقام بيان الحكاية لتعليم الحكم، نعم في موثقة زرارة عنه بعد حكاية القضية " فقال هكذا يصنع الحمار، وإنما قال الله عز وجل فتيمموا صعيدا طيبا فضرب بيديه على الأرض) (2) الخ وظاهرا أيضا أن قوله: " فضرب " من كلام أبي جعفر عليه السلام حكاية عن فعل النبي صلى الله عليه وآله وأن احتمال أن كان العمل من أبي جعفر عليه السلام فيها غير بعيد، ولا يبعد أن يكون وجه اختلاف الحكاية على فرض كونها منه عليه السلام أو العمل والحكاية على فرض آخر، أن واقع فعل النبي صلى الله عليه وآله هو الضرب، لكن لما كان العنوان المفيد للأمر الزائد عن حقيقة الوضع غير دخيل في صحة التيمم وكان متقوما بمطلق الوضع كيف كان، ذكره أبو جعفر عليه السلام لإفادة عدم دخالة شئ غيره.
ولما كان الضرب وضعا أيضا مع قيد، لا يكون النقل خلاف الواقع، كما لو كان مجئ انسان موضوعا لحكم فجاء زيد مثلا، فيصح أن يقال: جاء زيد وأن يقال:
جاء انسان، وبالجملة حكى أبو جعفر عليه السلام تارة واقع القضية مع بعض الخصوصيات