وبالجملة المتفاهم منه وضع التراب موضع الماء من غير تغيير وتبديل في الكيفية، فبقي المتقدم والمتأخر في الغسل على حالهما من غير تصرف وتغيير إلا فيما يتطهر به، نظر أن يأمر المولى بضيافة العلماء مقدما على الأشراف، وهم مقدما على التجار وعين محلا خالصا لها وشرايط وقيودا، وقال أضفهم بالغذاء الفلاني ومع فقده بالفلاني، فإنه لا ريب في أن العرف لا يأخذ باطلاق قوله ومع فقده كذا، و يرفع اليد عن الشرايط والقيود، بل يحكم بأن التبديل إنما وقع في الغذاء لا في ساير الكيفيات فلا بد من مراعاتها، ومقتضى هذا الارتكاز أن كل ما يعتبر في الوضوء والغسل معتبر في التيمم الذي هو بدله. والقائل بالبدلية إن كان مراده ذلك فلا كلام، و إن كان مراده عدم حصول الطهور بل يحصل بدله فقد مر ما فيه.
وبالجملة لا شبهة في أن مقتضى ارتكاز العقلاء والرجوع إلى الأشباه والنظائر أن التبديل إنما هو فيما يتطهر به لا في كيفية التطهير والعمل، فحينئذ نقول:
إن قوله: " فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه " يدل على سقوط المسح على الرجل والرأس، وعدم كونه إلى المرفق ولا على جميع الوجه، لمكان الباء على ما أفاد أبو جعفر عليه السلام، وأما ساير ما يعتبر فيه من الشرائط والموانع فبقيت على حالها كالبدئة بالوجه وباليمنى المعتبرة في الوضوء، وطهارة المحال و غيرها من الشرائط، فلا بد من مراعاة ما يعتبر فيهما فيه أيضا، ولولا دليل لقلنا بعدم اعتبار الموالاة في بدل الغسل، لكن سيأتي بيان استفادته من الأدلة حتى من الآية الكريمة.
ويؤيد ما ذكرناه قوله في صحيحة زرارة في تفسير الآية عن أبي جعفر عليه السلام " ثم قال: فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم، فلم أن وضع الوضوء عمن لم يجد أثبت بعض الغسل محسا " (1) فإنه مشعر أو ظاهر في اثبات المسح ببعض المحال واسقاط الغسل فقط من غير تصرف في ساير الشرائط والقيود كما