____________________
وأما إذا أريد به ما يدركه الطرف في نفسه إلا أنه باعتبار قلته وعروض حالة عليه كوقوعه في الماء واستهلاكه فيه - على ما هو مورد الرواية - عبر عنه بما لا يدركه الطرف، فهو محكوم عليه بالنجاسة بمقتضى الإطلاق اللفظي أو اللبي الذي نقحناه في مستهل البحث، ولا بد في الحكم بطهارته من التماس دليل مقيد. ومن هنا وقع الاستدلال على الطهارة برواية علي بن جعفر المتقدمة في مسألة انفعال الماء القليل: " سألته: عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب إنائه، هل يصلح له الوضوء منه فقال (ع): إن لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئا بينا فلا تتوضأ منه " (1).
وقد اعترض جملة من الفقهاء على الاستدلال بالرواية، بإبداء احتمال أن يكون السؤال فيها عن الشبهة الموضوعية لملاقاة الدم مع الماء، حيث لم يفرض في سؤال السائل أكثر من إصابة الدم للإناء لا للماء، وعليه فيحمل جواب الإمام (ع) على بيان الحكم الظاهري في الشبهة الموضوعية، وتكون الرواية على ذلك أجنبية عن محل الكلام.
ولكن الظاهر عدم وجاهة هذا الجواب، لظهور كلام الإمام عليه السلام وكلام السائل معا في الشبهة الحكمية: أما كلام الإمام فلأنه أناط الحكم بكون الشئ مما يستبين أو لا يستبين، وهذا ظاهر في ملاحظة الاستبانة بما هي صفة وتقدير للشئ نفسه، لا بما هي صفة للمكلف من حيث إنه قد يعلم أو يشك، فهو من قبيل قوله تعالى: " حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ". وأما كلام السائل فهو وإن لم يفرض إلا إصابة الدم للإناء، غير أن قوله عقيب ذلك: " هل يصلح الوضوء منه "، مع ظهور السياق في أن مرجع الضمير المجرور هو نفس
وقد اعترض جملة من الفقهاء على الاستدلال بالرواية، بإبداء احتمال أن يكون السؤال فيها عن الشبهة الموضوعية لملاقاة الدم مع الماء، حيث لم يفرض في سؤال السائل أكثر من إصابة الدم للإناء لا للماء، وعليه فيحمل جواب الإمام (ع) على بيان الحكم الظاهري في الشبهة الموضوعية، وتكون الرواية على ذلك أجنبية عن محل الكلام.
ولكن الظاهر عدم وجاهة هذا الجواب، لظهور كلام الإمام عليه السلام وكلام السائل معا في الشبهة الحكمية: أما كلام الإمام فلأنه أناط الحكم بكون الشئ مما يستبين أو لا يستبين، وهذا ظاهر في ملاحظة الاستبانة بما هي صفة وتقدير للشئ نفسه، لا بما هي صفة للمكلف من حيث إنه قد يعلم أو يشك، فهو من قبيل قوله تعالى: " حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ". وأما كلام السائل فهو وإن لم يفرض إلا إصابة الدم للإناء، غير أن قوله عقيب ذلك: " هل يصلح الوضوء منه "، مع ظهور السياق في أن مرجع الضمير المجرور هو نفس