هارون وقصصت عليه القصّة، قال: فبكى هارون الرشيد ثم قال: قد أجاره اللَّه مني» «1».
وروى عن عبد اللَّه بن مالك الخزاعي، قال: «دعاني هارون الرشيد فقال:
يا أبا عبد اللَّه كيف أنت وموضع السر منك؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين ما أنا الّا عبدٌ من عبيدك فقال: امض الى تلك الحجرة وخذ من فيها واحتفظ به إلى أن اسألك عنه فقال: دخلت فوجدت موسى بن جعفر فلما رآني سلمت عليه وحملته على دابتي الى منزلي، فأدخلته داري وجعلته مع حرمي وقفلت عليه والمفتاح معي، وكنت أتولّى خدمته، ومضت الأيام فلم أشعر الّا برسول الرشيد يقول: أجب أميرالمؤمنين، فنهضت ودخلت عليه وهو جالسٌ وعن يمينه فراش وعن يساره فراش، فسلمت عليه فلم يردّ غير انه قال: ما فعلت بالوديعة؟ فكأني لم افهم ما قال، فقال: ما فعل صاحبك؟ فقلت: صالح فقال: امض اليه وادفع اليه ثلاثة الاف درهم واصرفه الى منزله وأهله، فقمت وهممت بالانصراف فقال: اتدري ما السبب في ذلك وما هو؟ قلت: لا يا أميرالمؤمنين، فقال: نمت على الفراش الذي عن يميني فرأيت في منامي قائلًا يقول لي: يا هارون، أطلق موسى ابن جعفر، فانتبهت فقلت لعلها لما في نفسي منه فقمت الى هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعينه وهو يقول: يا هارون أمرتك أن تطلق موسى بن جعفر فلم تفعل، فانتبهت وتعوّذت من الشيطان، ثم قمت الى هذا الفراش الذي أنا عليه وإذا بذلك الشخص بعينه وبيده حربة كأن أولها بالمشرق وآخرها بالمغرب وقد أومأ اليّ وهو يقول: واللَّه يا هارون، لئن لم تطلق موسى بن جعفر لأضعن هذه الحربة في صدرك