عبيداللَّه بن أبي رافع كاتبه يومئذ، فقال له: اجلس ثم دعا واحداً منهم فقال له:
أخبرني- ولا ترفع صوتك- في أي يوم خرجتم من منازلكم وأبو هذا الغلام معكم؟ فقال: في يوم كذا وكذا، فقال لعبيد اللَّه: اكتب، ثم قال له: في أي شهر كان؟
قال: في شهر كذا، قال: اكتب ثم قال: في أي سنة؟ قال: في سنة كذا، فكتب عبيد اللَّه ذلك كله، قال: فبأي مرض مات؟ قال: بمرض كذا، قال: في أي منزل مات؟
قال: في موضع كذا، قال: من غسله وكفنه؟ قال: فلان قال: فبم كفنتموه؟ قال:
بكذا، قال: فمن صلى عليه؟ قال: فلان، قال: فمن أدخله القبر؟ قال: فلان، وعبيد اللَّه بن أبي رافع يكتب ذلك كله، فلما انتهى اقراره الى دفنه، كبر أمير المؤمنين عليه السّلام تكبيرة سمعها أهل المسجد.
ثم أمر بالرجل فرد إلى مكانه ودعا بآخر من القوم فاجلسه بالقرب منه، ثم سأله عما سأل الأول عنه فاجاب بما خالف الأول في الكلام كله، وعبيداللَّه بن أبي رافع يكتب ذلك، فلما فرغ من سؤاله كبر تكبيرة سمعها أهل المسجد، ثم أمر بالرجلين جميعاً أن يخرجا من المسجد نحو السجن، فيوقف بهما على بابه.
ثم دعا بالثالث فسأله عما سأل الرجلين، فحكى خلاف ما قالاه، واثبت ذلك عنه، ثم كبر وأمر بأخراجه نحو صاحبيه.
ودعا برابع القوم فاضطرب قوله وتلجلج، فوعظه وخوفه فاعترف أنه واصحابه قتلوا الرجل وأخذوا ماله، وانهم دفنوه في موضع كذا وكذا بالقرب من الكوفة، فكبر أميرالمؤمنين عليه السّلام، وأمر به الى السجن.
واستدعى واحداً من القوم وقال له: زعمت ان الرجل مات حتف أنفه وقد قتلته، اصدقني عن حالك والا نكلت بك، فقد وضح لي الحق في قضيتكم، فاعترف من قتل الرجل بما اعترف به صاحبه، ثم دعا الباقين فاعترفوا عنده