الكائنات وجدنا الانسان اشرف الجميع وإذا نظرنا إلى أكثر افراده وجدنا الغالب عليهم الشرور لوجود افعال قبيحة واعمال سيئه واخلاق وملكات رديه واعتقادات باطله وبالجملة الغالب عليهم طاعة الشهوة والغضب بحسب القوة العملية والجهل المركب بحسب القوة النظرية وهذان الأمران مضران في المعاد مؤلمان للنفس موجبان للشقاوة في العقبى مانعان عن السعادة الأخروية فيكون الشر غالبا على هذا النوع الذي هو الثمرة القصوى والغاية العظمى لوجود هذه الأكوان وبناء عالم العناصر والأركان واما الاستمتاع بالشهوة واللهو واللعب الذي هو السعادة الدنيوية التي هي في التحقيق شقاوة فهو مع ذلك حقير جدا بالنسبة إلى ما يحرمونه من السعادة الحقيقية ويكتسبونه من نار الجحيم والعذاب الأليم.
وأجيب عن هذا (1) بان أحوال الناس في العقبى كأحوالهم في الدنيا وأحوالهم في النشأة الأولى على ثلاثة أقسام.
الأول هم البالغون في الحسن والصحة.
والثاني المتوسطون فيهما وهم الأكثر على تفاوتهم في درجات التوسط.
والقسم الثالث البالغون في النقصان الممعنون بالقبح والسقم والعاهات وهؤلاء أقل من المتوسطين وإذا نسبتهم إلى مجموع القسمين الأولين كانوا في غاية ما يكون من القلة والحقارة بالنسبة إليهم فكذلك أحوال النفوس في الآخرة على ثلاثة أقسام.
الأول الكاملون في القوتين البالغون في تحصيل الكمالات الحكمية النظرية واقتناء الملكات الكريمة العملية.
الثاني المتوسطون في تحصيل ذلك وهم الأكثر والأغلب على تفاوت مراتبهم في ذلك من القرب إلى الطرف الأشرف والبعد عنه إلى الأرذل.
والثالث هم البالغون في الجهالات البسيطة والمركبة الممعنون في ردائه اخلاق فهؤلاء أقل عددا من القسم الثاني بكثير وإذا نسبتهم إلى مجموع القسمين الأولين كانوا