الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٧٥
واجبا إذ كان ما لا يجب لا يكون كما علمت بهذه العبارة أقول في تقريره لما كان جميع صور الموجودات الكلية والجزئية التي لا نهاية لها حاصله من حيث هي معقوله في العالم العقلي بابداع الأول الواجب إياها وكان ايجاد ما يتعلق منها بالمادة في المادة على سبيل الابداع ممتنعا إذ هي غير متهيئة لقبول صورتين معا فضلا عن تلك الكثرة وكان الجود الإلهي مقتضيا لتكميل المادة بابداع تلك الصور فيها واخراج ما فيها بالقوة من قبول تلك الصور إلى الفعل قدر بلطيف حكمته زمانا غير (1) منقطع في الطرفين يخرج فيه تلك الأمور من القوة إلى الفعل واحدا بعد واحد فتصير الصور في جميع ذلك الزمان موجوده في موادها والمادة كامله بها وإذا تقرر ذلك فاعلم أن القضاء عبارة عن وجود جميع الموجودات في العالم العقلي مجمله على سبيل الابداع والقدر عبارة عن وجودها في موادها (2) الخارجية بعد حصول شرائطها مفصله واحدا بعد واحد كما جاء في التنزيل وان من شئ الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم والجواهر العقلية وما معها (3) موجوده في القضاء والقدر مره واحده باعتبارين والجسمانية وما معها موجوده

(1) وكذا قدر حركة دورية كذلك باجزائها ترتبط الحوادث إلى القديم ولا يلزم التخصيص بلا مخصص س قده (2) ان قلت قول الشيخ يتأدى اليه بعينه قدره يدل على أن المراد هو القدر العلمي أعني صور النفوس المنطبعة الفلكية لا العيني إذ المتأدى غير المتأدى اليه قلت قد حمل المحقق قده التأدية على التأدية العرضية من الأسباب المقدمة على الزماني بالزمان لا التأدية الطولية وإن كان لها أيضا وجه ولعله أشار بذلك إشارة لطيفه إلى الحق عنده من العلم الحضوري بهذه الوجودات الجزئية س قده (3) على ظاهر كلام المحقق ره اشكالان أحدهما ان القدر على ما علم من تعريفه هو وجود كل شئ في موادها مفصله والجواهر العقلية لا يمكن أن تكون في المواد وكيف يمكن أن تكون في القضاء والقدر بهذا المعنى مره واحده وثانيهما القضاء على ما علم سابقا هو وجود الصور العقلية لجميع الموجودات فائضة عنه تعالى في العالم العقلي على سبيل الابداع دفعه بلا زمان وقول المحقق لما كان جميع صور الموجودات الكلية والجزئية يشير إلى هذا فعلى هذا فالقضاء في الجواهر العقلية لا العكس.
ودفعهما بان القضاء والقدر هنا غير ما هو المصطلح فان المراد ان الجواهر العقلية كلها موجوده في علم الباري تعالى بالاجمال وهو القضاء من حيث إن ذلك العلم الاجمالي عين الكشف التفصيلي فهو القدر أو ان بالجواهر العقلية غير العقل الأول وكذا المراد بالعالم العقلي الذي مضى في كلام المحقق يجوز ان يكون العقل الأول لا جميع العقول فوجود صورها فيه مجمله اي بنحو البساطة قضاء ومفصله باعتبار ماهياتها قدر وهذا القدر أيضا غير ما اصطلحوا عليه واما كون الجواهر العقلية في القضاء أو بالعكس فأمره سهل كما أن حركة في الزمان بوجه والزمان في حركة بوجه فان معنى في في المواضع مختلف كما قرر في موضعه وكون وجودها فيهما مره واحده لأجل ان التفاوت بين المجمل والمفصل بنحو الادراك لا بالمدرك واما الجسمانيات فمعلوم انها موجوده مجمله في القضاء مره ومفصله في القدر مره إذ ليست من صقع الربوبية لغلبه السوائية بغلبه احكام المادة عليها فلها وجود تفصيلي في القدر العيني سوى وجودها مجمله في العالم العقلي.
ويمكن ان يحملا على ما هو المصطلح ويلاحظ الكيانيات من صقع الجواهر العقلية الابداعية وقد علمت أن نسبه المتغيرات إلى الثابت دهر فحق انها موجوده فيهما مره واحده دهرية فإذا لوحظ الكلى والمحيط فالجزئي والمحاط لم يبق لهما اثر وحكم على حيالهما بخلاف الجواهر الجسمانية فإنها مأخوذة بشرط لا لمكان التعلق بالمادة فهذا وجود ومعلوم انها غير محيطه بما فوقها بل مسبوقة بعلم ما فوقها بها وذاك وجود آخر قال صاحب المحاكمات والجواهر العقلية موجوده في القضاء والقدر مره واحده إذ لا وجود لها الا في الأزل ولكن باعتباري الاجمال والتفصيل واما الصور والاعراض الجسمانية فهي موجوده فيهما مرتين مره في الأزل مجمله ومره فيما لا يزال مفصله انتهى كلامه وهو مجمل تفصيله ما ذكرنا س قده.
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326