ليتضح عليه جليه الحال ويرتفع شبهه ما يختلج بالبال.
فنقول في رفع ما ذكره من أن كل موجود يتصف بمفهومات متعددة كالوجود والشيئية والجزئية وغير ذلك انا قد أشرنا سابقا ان تغاير المفهومات واختلافها بحسب المعنى لا يوجب تكثرا في الذات لا في الخارج ولا في العقل بحسب التحليل وهكذا الحال في صفات الواجب تعالى فان مفهوماتها متغايرة لا محاله إذ ليست العلم والقدرة والإرادة والحياة والسمع والبصر الفاظا مترادفة ولا ان اطلاقها أو اطلاق بعضها عليه تعالى على سبيل المجاز المرسل أو التشبيه تعالى عن الشبه علوا كبيرا.
فهي مع كونها مغايره المعاني والمفهومات كلها موجوده بوجود واحد متشخصة بتشخص واحد لا بمعنى ان الوجود زائد على ذاتها ولا ان وجودها شئ غير تشخصها ولا ان وحدتها غير وجودها بل الوجود الواحد الأحدي بنفس أحديته مصداق لهذه المعاني ومطابق بذاته وفردانيته للحكم بها عليه من غير أن يقتضى صدقها عليه تغايرا في الذات ولا في عوارض الذات حتى يصير الموصوف بها مركبا في ذاته من أمرين سواء كان التركيب خارجيا كالجسم المركب من مادة وصوره في الوجود أو ذهنيا كالماهية المركبة من جنس وفصل كالانسان المأخوذ في حده ماهية الحيوان والناطق فانا إذا وجدنا جسم النار وقد صدق عليها انها في ذاتها شاغله للحيز وانها حاره نحكم بان حقيقتها مركبه في الخارج من مادة مشتركه وصوره مخصوصة لان اتصافها بأنها شاغله للحيز من جهة ذاتها امر يعم الأجسام فهو اذن لأجل جسميتها التي هي مادة مشتركه بينها وبين غيرها من الأجسام ولهذا تنقلب إلى عنصر آخر فينتقل المادة من صورتها إلى صوره أخرى واتصافها بأنها حاره في نفسها امر يخص بها فهو لأجل صورتها فالاتصاف بتينك الصفتين يوجب تركيبا في ذات الموصوف بهما تركيبا خارجيا