منه الا الجاعل القيوم له.
وإذ قد علمت أنه ذاته تعالى علم بما سواه على أحسن الوجوه لكون الصورة العلمية للأشياء هي عين ذاته تعالى فللأشياء قبل وجودها الكوني صور علمية إلهية لها وجود إلهي قدوسي وكل وجود إلهي بالضرورة يكون في غاية الحسن والبهاء فإذا تحقق مثال تلك الصور في عالم الكون وجب ان يكون أبهى وأشرف ما يمكن في عالم الكون وإذا رتبت الأشياء كان ترتيبها أجود الترتيب وأشرف النظام فيبتدي من أشرفها وجودا كالعقول الفعالة ثم يتلوه ما هو انقص منه قليلا كالنفوس الفلكية ثم صورها المنطبعة وهكذا متدرجا إلى أن ينتهى إلى انقص الموجودات وأدونها فيقطع سلسله الابداع في النزول عنده ولا يتخطى إلى ما دونه لعدم امكان ذلك فهو نهاية تدبير الامر المشار إليها بقوله تعالى يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم تفيض عنه بالامتزاج بين المواد الحسية ووقوع الحركات والاستحالات الصور النوعية المتعاقبة على تفاوت مراتبها على القوابل بحسب الاستعدادات واعداد الحركات فلا يزال يترقى الوجود في الصعود إلى قرب المعبود من الارذل إلى الأفضل حتى ينتهى الأفضل الذي لا أفضل منه في هذه السلسلة الصعودية كما قال سبحانه اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فعنده يقف ترتيب الخير والجود وبه يتصل دائره الوجود فهذا أحسن وجوه الصنع والايجاد حيث يجعل المصنوع بحيث يبلغ إلى غاية ما أراد به الصانع من الخير المترتب عليه ولا خير في صنعه صانع أفضل من أن يكون الغاية المؤدية إليها ذلك الصنع هي ذات الباري جل ذكره فالعالم كله صار بهذا الترتيب كشخص واحد أوله الحق وآخره الحق وصورته صوره الحق بل تمامه الحق كدائرة واحده أولها النقطة وآخرها النقطة بل كلها النقطة (1) السيالة من ذاتها في ذاتها إلى ذاتها فسبحان