يحرك على سبيل الشوق والتوجه إلى ذلك الامام والايتمام به على أن الكل مشتاقون إلى جمال رب العالمين رقاصون لأجل ما ينالون من روح وصال أول الأولين ففي كل لحظه يتجدد لهم بالحركة شوق وطرب آخر يرد على ذواتهم وبسبب ذلك الوارد القدسي يقع لهم حركة أخرى يؤدى بهم تلك حركة إلى نيل شوق آخر ولذة أخرى وهكذا إلى ما شاء الله ويترشح منهم من الفضائل والخيرات التي لهم ما يليق بهذا العالم من الأشعة والأضواء المستقيمة (1) والمنعكسة والمنعطفة مما يستعد به الهيولى للصور والكمالات التي تفاض عليها من المبدء الفعال في كل وقت وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
المبحث الثاني في بيان ان الموجودات العائدة والكائنات الواقعة في مراتب الصعود التي في عالم التركيب في غاية الجودة وأفضل النظام فنقول ان الأمور الواقعة في هذا العالم لما كان نظامها متعلقا بحركات الأفلاك وأوضاعها ونظام الأفلاك ظل لنظام عالم القضاء الإلهي الذي قد علمت أنه في غاية التمام والكمال ولما تبين وتحقق مرارا ان هذه الموجودات غير صادره على سبيل البخت والاتفاق كما نسب إلى ذيمقراطيس ولا على طريقه الإرادة الجزافية كما توهمه الأشاعرة ولا عن اراده ناقصه وقصد زائد كإرادتنا المحوجة إلى دواع خارجه عن ذاتنا ولا بحسب طبيعة لا شعور لها بذاتها فضلا عن شعور بما يصدر عنها كما ذهبت اليه أوساخ الدهرية والطباعية بل النظام المعقول المسمى عند الحكماء بالعناية مصدر لهذا النظام الموجود فيكون في غاية ما يمكن من الخير والفضيلة فعلى هذا يلزم ان لا يكون في هذا العالم بالنظر إلى الأسباب والعلل امر جزافي أو اتفاقي بل كله ضروري فطري بالقياس إلى طباع الكل سواء كان طبيعيا بحسب ذاته كحركة الحجر إلى أسفل أو قسريا كحركته إلى فوق أو إراديا كحركة الحيوان