نظرت إلى مجموع العالم بما هو حقيقة واحده حكمت بأنه صدر عن الواحد الحق صدورا واحدا وجعلا بسيطا وإذا نظرت إلى معانيه المفصلة واحدا واحدا تحكم بان الصادر منه أولا هو اشرف اجزائه وأتم مقوماته وهو العقل الأول إذا العقل هو كل أشياء كما مر ذكره ثم باقي الاجزاء واحدا فواحدا على ترتيب الأشرف فالأشرف والأتم فالأتم وهكذا إلى أدون الوجود وأضعفه فاذن تبين وتحقق ان الانسان الكبير والمجعول الأول شئ واحد بالذات والحقيقة فإذا قلت العقل الأول فكأنك قلت مجموع العالم وإذا قلت مجموع العالم فكأنك قلت العقل الأول بلا اختلاف حيثية تقييدية ولا تعليليه الا مجرد الاجمال والتفصيل فان قلت كيف ابدع الباري جل ذكره مجموع العالم بكليته مره واحده مع أن بعض اجزائه تدريجية الوجود كالأزمنة والحركات وبعضها دفعية الوجود (1) وبعضها خارج عن القسمين قلنا وحده العالم وحده أخرى جامعه للوحدات محيطه بالكل وهذه الحركات والتجددات والأجسام والجسمانيات كلها منطوية تحت تلك الوحدة على ما يعرفه الراسخون في العلم والله أعلم واما المنهج الاني فلما نشاهد من ارتباط الموجودات بعضها ببعض وانتفاع بعضها عن بعض وتوجه كل ناقص إلى كماله وطلب كل سافل للاتصال إلى العالي توجها غريزيا وطلبا جبليا بحسب ما أودع الله في ذاته ونرى عطوفه كل عال لما تحته وعناية كل قوى لما دونه وتدبير كل نفس وعقل لما يقع تحت تدبيره احكم تدبير وأشد تصوير وأحسن تقويم والطف تكميل وتتميم وعلى وجه يبلغ إلى غاية كماله وتمامه الممكن في حقه فالصورة تكمل المادة بالتقدير والتشكيل والتكييف بكل كيفية يناسبها ويفيدها
(١١٧)