والعجب أن صاحب كتاب المواقف فهم عن سوء فهمه أو سوء ظنه بمثل الشيخ عن بعض عبارات الشفاء حيث يقول في بيان سبب البياض في الصورة المذكورة ان اختلاط الهواء بالمشف على الوجه المخصوص سبب لظهور لون ابيض ولرؤية لون البياض انه ينكر وجود البياض فيها بالحقيقة فنسبه إلى السفسطة حاشاه عن ذلك.
ومنهم من نفى البياض وأثبت السواد تمسكا بان البياض ينسلخ والسواد لا ينسلخ ودفع بان قولهم للأسود انه غير قابل للبياض ان عنوا به على سبيل الاستحالة فغير صادق إذ كذبهم الشيب بعد الشباب وان عنوا به على سبيل الانصباغ فسببه ان الصبغ المسود لما فيه قوة قابضه فيخالط وينفذ والمبيضات غير نافذة ونقل عن أصحاب الأكسير انهم ينتقلون نحاسا كثيرا برصاص مكلس وزرنيخ مصعد وذلك يبطل ما قالوه وربما تمسكوا بان مادة البياض تقبل الألوان ومادة السواد لا تقبلها فدل على أن مادة البياض عارية عن اللون.
ودفع بأنه يجوز ان يكون الحقيقي مفارقا والتخيلي لازما لزوال سبب الأول ولزوم سبب الثاني.
أقول لا شبهة في أن القابل ما دام اتصافه بلون لا يمكن اتصافه بلون آخر فمادة البياض ما دام بياضه لا يمكن ان يتصف بلون آخر وكذا في السواد وساير الألوان بلا فرق فان فرق بان انسلاخ السواد عن محله غير ممكن كان رجوعا إلى الوجه الأول وانسلاخ الشئ وعدم انسلاخه من أضعف الدلائل على العدم والوجود فرب وجودي ينسلخ ورب عدمي لا ينسلخ كالأعمى والبصر حيث ينسلخ الوجودي ولا ينسلخ العدمي.
وربما احتج بان محل البياض يقبل جميع الألوان وكل ما يقبل الشئ يجب ان يكون عاريا عنه فمحل البياض يجب ان يعرى عن الألوان كلها.
والجواب ان الصغرى كاذبة لأنه يقبل ما سوى اللون الأبيض الذي فيه فلا يلزم الا عراؤه عن غير ذلك البياض وان أريد بالقبول المجامع للفعلية منعنا الكبرى