فصل [15] في مناسبة ما بين شئ من تلك الكيفيات النفسانية وبين الدم الذي هو حامل الروح الحامل لاثار تلك الكيفيات قال الشيخ الدم الكثير الصافي إن كان معتدل القوام والمزاج أعد للفرح لكثرة ما يتولد منه من الروح الساطع واما إن كان كثيرا وصافيا ومعتدل القوام لكنه زائد في السخونة أعد للغضب لكثرة اشتعاله وسرعة حركته فاما إن كان الدم كثيرا وصافيا لكنه رقيق القوام بارد مائي أعد للجبن ولضعف القلب لان الروح المتولد منه يكون ثقيل حركه إلى الخارج قليل الاشتعال لبرده ورطوبته فيقل فيه الاستعداد للفرح والغضب ويكون لرقته سهل التحلل ولبرده قليل التوليد والدم الكدر الغليظ الزائد في الحرارة يعد للغم والغضب الثابت الذي لا ينحل اما الغم فلما يتولد من الروح الكدر واما الغضب فلسرعة اشتعاله لحرارته واما ثبات الغضب فلانه كثيف إذا تسخن لم يبرد بسرعة.
واما غضب الدم الصفراوي الرقيق فيكون أسرع هيجانا وأسرع انحلالا لان الروح المتولدة عن ذلك الدم أشد حراره وهو مع ذلك غير كثيف وإذا كان دمه صافيا مشرقا كان مع ذلك مفراحا والدم الغليظ الغير الكدر إذا كان زائدا في الحرارة وهو في النوادر كان صاحبه غير محزان ويكون شجاعا قوى القلب ويكون غضبه أقل لان المفراحية تكسر من الغضب والمحزانية تعد للغضب لان الغضب حركه إلى الدفع والمفراحية مناسبة لللذة واللذة يكون حركه فيها نحو الجذب وهذا الانسان يكون غضبه في الأمور عظيما ويكون شديدا لتسخن روحه ولذلك بعينه قليل الخوف والدم الغليظ الغير الكدر الزائد في البرودة يكون صاحبه لا محزانا ولا مفراحا ولا يشتد غضبه ويكون جبنه إلى حد ويكون بليدا في كل امر سالما لان روحه يكون شبيه دمه والدم الغليظ الكدر والزائد في البرودة يكون صاحبه متوحشا