وفي (الكبيري) شرح المنية: في فتاوى الحجة: وفيه إشارة إلى أنهم لو قدموا فاسقا يأثمون بناء على أن كراهة تقديمه كراهة تحريم لعدم اعتنائه لأمر دينه وتساهله في الإتيان بلوازمه فلا يبعد منه الأخلال ببعض شروط الصلاة، وفعل ما ينافيها بل هو الغالب بالنظر إلى فسقه، ولذا لم تجز الصلاة خلفه أصلا عند مالك، ورواية عن أحمد إلا أنا جوزناها مع الكراهة لقوله (ص): صلوا خلف كل بر وفاجر، وصلوا على كل بر وفاجر، وجاهدوا مع كل بر وفاجر (رواه الدارقطني)، واعله بأن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة، ومن دونه ثقات. وحاصله أنه مرسل وهو حجة عندنا، وعند مالك، وجمهور الفقهاء فيكون حجة عليه.
وقد روى بعدة طرق للدارقطني، وأبي نعيم، والعقيلي كلها مضعفة من قبل بعض الرواة، وبذلك يرتقى إلى درجة الحسن عند المحققين. ولذا ذكر في (المحيط) أنه لو صلى خلف فاسق، أو مبتدع أحرز ثواب الجماعة لكن لا يحرز ثواب المصلي خلف تقي. كيف وقد صلى الصحابة والتابعون خلف الحجاج، وفسقه مما لا يخفى، لكن قال أصحابنا: لا ينبغي أن يقتدى به إلا في (الجمعة) للضرورة فيها بخلاف سائر الصلاة للتمكن من التحول إلى مسجد آخر فيما سوى الجمعة، وعليه يحمل عمل الصحابة والتابعين في الاقتداء بالحجاج، وعلى هذا فينبغي أن تكره الجمعة أيضا إذا تعددت الجوامع (كما في زماننا) لإمكان التحول إذ الفتوى على جواز التعدد (على ما سيأتي)، ويكره أيضا تقديم العبد، والأعرابي، وولد الزنا، والأعمى، وينبغي أن تكون الكراهة في هؤلاء دون الكراهة في الفاسق لأنها أمر محتمل غير محقق (1).
وفي الدر المختار: والأحق بالإمامة الأعلم بأحكام الصلاة فقط صحة وفسادا بشرط اجتنابه للفواحش الظاهرة (2).
روى ابن ماجة عن جابر عن النبي (ص) قال: لا تؤمن امرأة رجلا ولا مهاجرا، ولا يؤمن فاجر مؤمنا إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه، أو صولته (هكذا في هدية المهدي) عن عبد الكريم البكا قال: أدركت عشرة من أصحاب النبي (ص) كلهم يصلي خلف أئمة الجور (رواه البخاري في تعليقه).
وفي نيل الأوطار: (وأما قول عبد الكريم البكا أنه أدرك عشرة) فهو ممن لا يحتج بروايته (3).
وفيه: قال الحافظ: وللبيهقي في هذا الباب أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف (4).
وفيه: حديث (صلوا خلف من قال لا إله إلا الله، وصلوا على من قال لا إله إلا الله)، (أخرجه الدارقطني، وفي إسناده عثمان بن عبد الرحمن كذبه يحيى بن معين، ورواه أيضا من وجه آخر عنه، وفي إسناده خالد بن إسماعيل، وهو متروك، ورواه أيضا من وجه آخر، وفي إسناده أبو الوليد المخزومي وقد خفي حاله أيضا على الضياء المقدسي، وتابعه أبو البختري وهب بن وهب وهو كذاب (5).