قال في (النيل): وفي فعل علي (ع)، وغيره - دليل على استحباب تخصيص من له فضيلة بإكثار التكبير عليه، وكذلك في رواية الحكم بن عينية عن السلف، وقد تقدم فعله بصلاته على حمزة ما يدل على ذلك، (إنتهى من المشرب الوردي) (1).
أقول: وفي هذه العبارة المذكورة من (النيل) كفاية لمن له دراية على ما ادعينا سابقا من أن التكبيرات على الدرجات.
وفي التاريخ الكامل (في وصية المأمون): فلما مرض المأمون أمر أن يكتب، وكانت وصيته بعد الشهادة والإقرار: إذا مت فوجهوني، وغمضوني ثم أضجعوني على سريري، ثم عجلوا بي وليصل علي أقربكم نسبا، وأكبركم سنا، وليكبر خمسا (إنتهى منتخبا) (2).
وفي كنز العمال (كتاب الشمائل من قسم الأفعال) فقال العباس: يا علي (ع) أني سمعت رسول الله (ص) يقول تكون قبور الأنبياء في موضع فرشهم، قال فكفنوه في قميصين أحدهما أرق من الآخر، وصلى عليه العباس، وعلي صفا واحدا، وكبر عليه العباس خمسا، ودفنوه (رواه ابن معروف) (3).
وفي الآثار للطحاوي عن أبي ليلى قال: كان زيد بن أرقم صلى على جنازة فكبر يوما خمسا، فسئل عن ذلك فقال كبر رسول الله (ص) خمسا. حدثنا عبد الأعلى أنه صلى خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبر خمسا فسأله عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذه بيده فقال أنسيت، قال: لا، لكني صليت خلف أبي القاسم (ص) فكبر خمسا فلا أتركه أبدا (4).
عن يحيى بن عبد الله التيمي قال: صليت مع عيسى مولى حذيفة بن اليمان على جنازة (وقد مر هذا الحديث) في هذا الكتاب بحوالة (منتخب كنز العمال)، وزاد في آخره، قال أبو جعفر الطحاوي: ذهب قوم إلى أن التكبير على الجنائز خمسا، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا بل هي أربع.
فإن قال قائل: وكيف يكون ذلك ناسخا، وقد كبر علي بن أبي طالب بعد ذلك أكثر من أربع؟!
عن عبد الله بن مغفل أن عليا (ع) صلى على أبي قتادة، فكبر عليه سبعا. قيل: له إن عليا إنما فعل ذلك لأن أهل (بدر) كان كذلك حكمهم في الصلاة عليهم يزاد فيها من التكبير على ما يكبر على غيرهم من سائر الناس، (كما مر غير مرة). وعن (عبد خير) قال: كان علي (ع) يكبر على أهل بدر ستا، وعلى أصحاب النبي (ص) خمسا، وعلى سائر الناس أربعا. فهكذا كان حكم الصلاة على أهل بدر (5).
وعن علقمة بن قيس قال: قدم ناس من أهل الشام فمات لهم ميت، فكبروا عليه خمسا، فأخبرت ابن مسعود فقال ليس فيه (أي في التكبير على الجنازة) شئ معلوم. فكان عبد الله أراد بقوله (ليس فيه شئ معلوم) أي ليس فيه شئ يكبر في الصلاة على الناس جميعا لا يجاوز على