موضوعات، وكذا قال في تصنيفات أبي نعيم، والثعلبي، والديلمي، والنسائي، وغيرهم (1). هذا (ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا).
والحاصل أنه ليس من كتاب مسلم من جرح، فأما لا يقبل شئ من الأحاديث والآثار، وأما يقبل ما كتبنا في كتابنا هذا لإثبات ما ادعيناه على أصول أهل الجماعة عن كتبتم أيضا. ومطلق الجرح إن كان مؤثرا فيكون أبو حنيفة مجروحا، ولا يعتد به كما قال الحافظ ابن حجر في (نصب الراية)، قال الدارقطني، وابن عدي: لم يسنده غير أبي حنيفة، وتابعه الحسن ابن عمارة، وهما ضعيفان (أي في الحديث). وفي (هامشه): أقول: وكذا ضعفه كثير من المحدثين كالنسائي، وابن عدي، وآخرين. قال الذهبي في الميزان: نعمان بن ثابت بن زوطا الكوفي إمام أهل الرأي، ضعفه النسائي من جهة حفظه، وابن عدي، وآخرون، وقال أيضا في ترجمة إسماعيل بن حماد بن النعمان ابن ثابت الكوفي عن أبيه عن جده قال: ابن عدي: " ثلاثتهم ضعفاء " (2).
وقال صاحب (المنتظم) عن عبد الله بن علي المديني قال: سألت أبي عن أبي حنيفة فضعفه جدا، وقال خمسين حديثا خطأ فيها، وعن أبي حفص عمر بن علي قال: أبو حنيفة ليس بحافظ، مضطرب الحديث، ذاهب الحديث. قال أبو بكر بن أبي داود: جميع ما روى أبو حنيفة من الحديث مائة وخمسون، (أخطأ - أو قال غلط - في نصفها). ووثقه يحيى بن معين (كذا في تهذيب التهذيب)، لكن لا يحتجب عليك أن الجرح مقدم على التعديل - كما تقرر في الأصول - فلا يخلو من مقال، والله أعلم (3).
وفي حياة الحيوان: كان أبو حنيفة إماما في القياس، ولم يكن يعاب بشئ سوى قلة العربية (4).
وقال ابن شبرمة: دخلت أنا، وأبو حنيفة على جعفر بن محمد الصادق (ع) فقلت: هذا رجل فقيه من العراق، فقال: لعله الذي يقيس الدين بالرأي؟ أهو النعمان بن ثابت؟ قال: ولم أعلم باسمه إلا ذلك اليوم، فقال له أبو حنيفة: نعم، أنا ذلك أصلحك الله، فقال له جعفر (ع): إتق الله، ولا تقس الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس إذ قال " أنا خير منه " فأخطأ بقياسه فضل.
وذكر ابن خلكان في ترجمة جعفر الصادق (ع): أنه سأل أبا حنيفة: ما تقول في محرم كسر رباعية ضبي؟ فقال: يا بن بنت رسول الله لا أعلم ما فيه، فقال: إن الضبي لا يكون رباعيا بل هو ثني أبدا (5).
وفي الدر المنثور: أخرج ابن جرير عن الحسن في قوله " خلقتني من نار، وخلقته من طين " قال:
قاس إبليس وهو أول من قاس. وأخرج أبو نعيم في الحلية، والديلمي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس، قال الله له أسجد لآدم، فقال أنا خير منه، قال جعفر: فمن قاس أمر الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس (6).